الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب لأني لم أدرس الطب، فكيف أتجاوز ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

بدأت مشكلتي بعدم توجهي لتخصص الطب، ودرست القانون، ورغم وصولي لمرحلة الدكتوراه إلا أنه تنتابني نوبة اكتئاب دورية، خاصة عندما أرى زملائي أطباء، وأحس بأن تخصصي غير نافع وغير مجدٍ، وأني ضيعت وقتي في دراسته، حتى فقدت الشغف في الدراسة والبحث العلمي، خاصة منذ إبريل 2020 عند بداية كورونا، تأخرت في إعداد أطروحتي بعد أن كنت عاديا لا أشعر بالحزن والنقص، لكن فجأة تغير كل شيء، وصرت جسدا بلا روح، لا أستمتع بشيء، وغير متفائل بالمستقبل، وللعلم أني عشت طفولة مرضت فيها والدتي، وأصيبت بإعاقة، ووالدي كان لا يحسن التدبير ولا يهتم، وهو أحد أسباب الوضع الذي وصلت إليه العائلة بتبذيره للمال وعدم الاستمتاع بما نريد.

الآن أنا مقبل على مسابقة محاماة، وأجد صعوبة كبيرة في المراجعة، قلبي مقبوض وأشعر بالحزن، ولا أستطيع التركيز، وتنهال علي ذكريات الماضي بأني فشلت في دخول تخصص نافع، وأن تخصص القانون غير ملائم لي، فلا أستطيع التركيز في المراجعة للمسابقة، كنت تلميذا متفوقا، لكن لا أعرف ماذا أصابني في السنة الأخيرة في الثانوية، حتى لم أتمكن من الحصول على معدل يمكنني من دخول الطب، وإلى الآن أحاول إيجاد تفسير مناسب.

علماً أن 10 سنوات الأخيرة مرت علي كجحيم حقيقي، كل عام مشكلة لا أستطيع التركيز خلالها، وضغط الدراسة، والعمل لأضمن مصروف لدراستي، لم أعش كإنسان عادي، ضغط من كل النواحي ولا أحد ساعدني، ولو بتحفيز أو كلمة.

أرجو منكم مساعدتي في الخروج من حالة الاكتئاب، والرجوع للحياة بشكل طبيعي، والإقبال على الدراسة، والاستمتاع بالعبادة وعاداتي اليومية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية.

هذه الحالة التي تعاني منها نسمّيها بعدم القدرة على التواؤم أو عدم القدرة على التكيف، ونتج عن ذلك أعراض قلقية اكتئابية من النوع البسيط.

أنت ذكرت أن أُمنيتك كانت أن تدرس الطب، ولكنّك درست القانون، وبالرغم من إنجازاتك العظيمة في مجال القانون وحصولك على الدكتوراه، إلَّا أنك لم تتواءم مع هذا الوضع، والذي كان من المفترض أن تتواءم معه؛ لأنه وضع إيجابي جدًّا، أنت أنجزت إنجازًا عظيمًا في مجال القانون، وهذه دراسة من وجهة نظري دراسة ممتازة وجيدة ومفيدة جدًّا.

فيا أخي الكريم: أنت محتاج لأن تقوم بإعمال فكري جديد، تقوم بشيء من المراجعات، لتُبدِّد من خلال هذه المراجعات أفكارك السابقة حول دراسة الطب، وتقتنع تمامًا بأن الذي قسمه الله تعالى لك من دراسةٍ للقانون هو الأمر الذي فيه منفعة ومصلحة لك، {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله ويعلم وأنتم لا تعلمون}.

أنا أرى أن في القانون خيرٌ لك، فاستمر على نفس منهجك، وابنِ قناعات جديدة، و-إن شاء الله تعالى- سوف تقبل بالقانون، والاستمرار فيه، ونسأل الله تعالى أن نراك محاضرًا جيدًا في مجال القانون، أو محاميًا حاذقًا، أو قاضيًا عادلاً، وأسأل الله لك أن تكون مباركًا أينما كنت، نافعًا لنفسك ونافعًا لغيرك بالعدل والحق.

أيها الفاضل الكريم: سأصف لك أحد مضادات الاكتئاب الجيدة والمفيدة، وسريعة الفعالية، و-إن شاء الله- سيفيدك كثيرًا. الدواء يُعرف باسم (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، له مسميات تجارية كثيرة، من أشهرها (سيبرالكس)، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – استمر على جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة – أي عشرة مليجرامات – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعل الجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة، بعد ذلك خفف الجرعة وأنقصها بأن تنتقل لجرعة عشرة مليجرامات يوميًا كجرعة وقائية، استمر عليها لمدة شهرين، ثم تنتقل لجرعة التوقف عن الدواء، بأن تتناول خمسة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

السيبرالكس دواء غير إدماني، وفاعل جدًّا، وليس له أضرار، فقط بالنسبة للمتزوجين ربما يُؤخّر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، لكنّه لا يُؤثّر أبدًا على ذكورية الرجل أو صحته الإنجابية، هو من أفضل الأدوية التي تُعالج مثل حالتك.

وأسأل الله أن ينفعك به، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً