الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محبة الناس هل تدل على قبول التوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة، أحفظ القرآن وأتعلم أحكامه، ولكني يئست من ذنوبي، ومن حياتي، كل ما أعزم على ترك الذنب أعود إليه بعد فترة وأندم، وأتوب، وأعود وهكذا، لا أريد أن أعصي الله، أريد طريقة أحفظ بها نفسي عن المعاصي، وأقلع فيها عن الذنوب، تعبت والله، وكيف أعرف أن الله غفر لي ورضي عني؟

وهل محبة الناس لي واستجابة دعواتي وحفظي للقرآن دليل على محبة الله، أم أن الله يمتحنني؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نُهنِّئك بما مَنَّ الله تعالى به عليك من الاشتغال بحفظ القرآن وتعلُّم أحكامه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن يُرد الله به خيرًا يُوفقه في الدّين)، وقال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)، فلا شك أن التوفيق بالاشتغال بكتاب الله تعالى حفظًا وتعلُّمًا وتفقُّهًا علامة على أن الله سبحانه وتعالى أراد بهذا الإنسان الخير.

ولكن على المسلم أن يحذر من أن يفتح له الشيطان باب الغرور والاغترار، فالمؤمن لا بد أن يجمع في مسيره إلى الله تعالى ما بين الخوف من الله تعالى ومن عقابه، وبين الطمع والرجاء في ثوابه وبِرِّه، فالخوف يحول بين الإنسان وبين المعاصي والذنوب، والطمع والرجاء لثواب الله يدفع الإنسان نحو العمل الصالح والاستزادة منه، وبهذا يصلح دين الإنسان وتصلح دنياه.

ونحن نرى أن من توفيق الله تعالى لك – أيتها البنت العزيزة – تفكيرك الدّائم في البحث عن الطريقة التي تتجنّبين بها معصية الله تعالى وحفظ نفسك من الذنوب، ونحن نُرشدُك إلى أمورٍ تُساعدك في التخلص من الذنوب والمعاصي وترك الإدمان لها.

أوّلُ هذه الأمور: أن تتذكّري أنه ربما يُفاجئك الموت وأنت على معصية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالخواتيم)، فإذا مات الإنسان – والعياذ بالله – على حالة من المعصية والذنب فإنه يلقى الله تعالى بذلك الوجه، فإذا تذكّرت هذا الأمر فإن هذا يزرع خوفًا في قلبك، فيمنعك من تعاطي الذنب أو التساهل فيه.

الأمر الثاني: أن تتذكّري أن القلب بيد الله سبحانه وتعالى، فإذا لم تُسارعي إلى التوبة اليوم فإنه ربما عاقبك الله بعد ذلك بأن صرف قلبك عن التوبة والتفكير فيها.

الأمر الثالث: أن تتذكّري العقوبات الأخرويّة التي أعدَّها الله للذنوب والمعاصي، وأن تتذكّري غضب الله تعالى حين يُعصى.

فهذه الأمور حاولي دائمًا أن تكون نصب عينيك وألَّا تغفلي عنها، وبقدر إيمانك بها يكون الحاجز بينك وبين الذنوب والمعاصي، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الإيمان قيْدُ الفتْكِ) أي هو الذي يُقيِّدُ الإنسان عن الوقوع في الجرائم والذنوب والآثام.

ولكن مع هذا كلِّه – أيتها البنت العزيزة – نقول لك: إنَّ ابن آدم خطَّاء، ولا يُتصوّر أن يكون معصومًا من الوقوع في الذنب، فالعصمة إنما جعلها الله تعالى لمن اختارهم واصطفاهم بالعصمة من الأنبياء والرُّسل، فلا يُستغرب أن يقع الإنسان المسلم أو المرأة المسلمة في الذنب، فإذا وقع فالواجب عليه أن يُبادر بالتوبة، وألَّا يُسوّف، ولا يُؤخِّرَ.

ومن أركان هذه التوبة أن يكون عازمًا في حينها ووقتها على ألَّا يفعل الذنب في المستقبل، حتى تصحّ توبتُه، ولكن إذا قُدّر بعد ذلك أن ضعفَ وأغراه الشيطان ووقع في الذنب؛ فالمطلوب منه أن يتوب مرّة ثانية، وهكذا، وهذا ما أرشدنا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير ويُعينك على نفسك، وخير ما نُوصيك به: اللجوء إلى الله تعالى، والإكثار من دعائه، وقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة دعاءً يُكثرون من الدعاء به، وهو: (اللهم ألهمني رُشدي وقني شرَّ نفسي).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يَقِيَكِ الشُّرور والآثام.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً