الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في الموت وأخاف منه كثيرا، فهل الأمر طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 23 عاماً، أفكر في الموت كثيراً أو أنني سأموت خلال هذه الأيام، وأتعب بسبب كثرة التفكير ويأتي تفكيري هذا بين حينٍ وآخر؛ ولا أستطيع الخروج منه إلا إذا انشغلت بأمر ما، ولكن تظل هذه الفكرة متواجدة عندي، فهل هذا الأمر طبيعي، أم أنه مرض نفسي؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Eman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيتها الفاضلة في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يُطوّل في عمْرِك في طاعته.

الخوف من الموت يكون طبيعيًّا إذا اتخذه الشخص حافزًا لفعل الطاعات والإكثار منها، ومانعًا لفعل المنكرات والابتعاد عنها، ومِنبِّهًا للاستعداد للقاء الله تعالى والحساب، في هذه الحالات هذا أمر طبيعي يمكن أن يُفكّر فيه كل مؤمن.

ويكون مرضيًّا إذا انشغل به تفكير المرء وعطّل نشاطاته الحياتية، ومنعه من الأمل، ومن الشروع في التخطيط لأهدافه والعمل على تحقيقها، وصار التشاؤم مسكنه والخوف صاحبه والترقُّب مُلازمه، وبهذا يفقد الاستمتاع بالحياة وبملذّاتها، ويشرد نومه، وتتدهور صحته الجسمية والنفسية، ويعيش في عالم الأوهام والخيالات.

نعم الكلّ يخاف من الموت، وهذه حقيقة لابد منها، وهي مرحلة من مراحل الحياة يمرُّ بها كل كائن حيٍّ، فكما كنّا في عالم الأرواح لفترة من الزمن، وكنَّا في بطون أُمّهاتنا أيضًا لفترة من الزمن، ثم خرجنا للحياة الحالية، وستكون أيضًا لفترة من الزمن، وينقلنا الموت إلى حياة أخرى مختلفة عن حياتنا هذه، وهي حياة البرزخ، ونمكث فيها ما يشاء الله لنا أن نمكث أيضًا فترة من الزمن، ثم إلى يوم الحساب الذي قدّره الله سبحانه وتعالى بخمسين ألف سنة، ثم المصير الأخير، إمَّا جنّة عرضها السماوات والأرض، وإمَّا نار والعياذ بالله.

فهذه هي رحلة الإنسان، والموت فاصلٌ فيها، ولو علم كل إنسان بيوم موته لَمَا تعمَّرتِ الدُّنيا، ولكن من رحمة الله وحكمته سبحانه وتعالى أن الآجال مخفية عنَّا، لكي يسعى الإنسان، وتكون له آمال وطموحات، ويجتهد، ويشغل نفسه بتحقيقها، وبذلك تستمر عجلة الحياة إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.

فنقول لك – أيتها الفاضلة – أن الخوف من الموت لا يُقرِّب الآجال ولا يزيد العمر، ولذلك التفكير فيه بالصورة المرضية يكون مضيعة للوقت، فينبغي التخلص منها بالتجاهل، وعدم محاورتها، أو فتح حوار معها، حتى لا تصبح فكرة وسواسية، تُعطّل الشخص من ممارسة نشاطاته الحياتية، وتُكبِّل حركته، فكم من أُناسٍ اشتغلوا بها وفاتتْ عليهم الفرص بعد أن أمدَّ الله في أيَّامهم، ولكن ضاع ما ضاع من حياتهم بسبب خوفهم المرضي من الموت، وكم من أُناسٍ كانت أعمارهم قصيرة ولكن كانت إنجازاتهم في الحياة عظيمة، وبقيتْ سِيَرَهم الذاتية حيَّة في دُنيا الناس، فالدنيا مزرعة الآخرة، وكلّ مَن يزرع سوف يحصد ما يزرعه.

ويمكنك مراجعة الاستشارات التالية: علاج الخوف من الموت سلوكيا: 2405159 - 2323709 - 2322784.

وفقنا الله وإيَّاك لما فيه صلاح ديننا ودنيانا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً