الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عُقدَ قراني على رجل مهمل لصلاته، فهل أطلب الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع القيم، تقبل الله منكم جهودكم.

تقدم لي شاب رفضته من الأول ولكن أهلي كان لهم رأي آخر، حتى أمي تبرأت مني إن رفضت، لأنها ترى أنه زوج مناسب، وطاوعتهم في رأيهم، وصليت صلاة الاستخارة أكثر من مرة، ولما سألت هذا الشاب عن دينه قال إنه يصلي ويحاول الالتزام، وأني سوف أساعده في هذا.

تم عقد القران وكان أسوأ يوم في حياتي، لم أشعر بأي طمأنينة ولا راحة من بعد عقد القران، اكتشفت أنه لا يصلي في المسجد إلا قليلاً، وخرجت معه 3 مرات ويسمع الأذان ولكن لا يستجيب، قلت له: اذهب وصلِّ، المسجد قريب منا، قال لي: أنا لست على وضوء، قلت له: توضأ، قال لي: حين أرجع إلى المنزل أصلي.

أحسست بالندم أكثر وأكثر، أصبحت أدعو الله أن تنقلب بي الحافلة أثناء رجوعي للبيت ولا أتزوجه، زفافنا في شهر فبراير المقبل، لكن أصبحت أدعو الله أن يخلصني منه عاجلا قبل الزفاف، أصبحت لا أطيقه ولا أطيق النظر إلى وجهه، ماذا أفعل؟ أهلي لو فتحت معهم الموضوع طبعا سيرفضون، والغالب سيخيرونني بينه وبين السخط، زوجي خسر الكثير علي، من أين سأرد له كل هذا، هو خلوق ولم أر منه صراحة تصرف يسيء لي، ويعاملني معاملة حسنة، لكنه مهمل في صلاته، أخشى يوما أن أتكاسل، من سيعينني؟ أشعر أني لا أستحق زوجا صالحا مهتما بدينه، لأني دائما كنت أدعو الله بزوج صالح، بدأ اليأس يدخل لقلبي، لم أعد أريد شيئا سوى أن أموت، أصبح الموت أفضل من أن أتزوج هذا الرجل رغم أني غير مستعدة لها، هل أطلب الطلاق؟ أرشدوني للطريق.

جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة-، وزادك الله حرصاً وخيراً، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقر عينك بصلاح هذا الزوج ومواظبته على الصلاة، فإن الصلاة صلة بين العبد وربه تبارك وتعالى، وهي أهم أمور الدين، وأرجو أن تجتهدي في الدعاء له والدعاء لنفسك بدل من هذا الإحباط الذي تصلين إليه والكلام الذي ترددينه.

إذا كان الزوج يصلي لكنه يتكاسل في الذهاب إلى المسجد فهذه مرحلة تحتاج منك إلى بعض المجهودات والدعاء له، وأنت أشرت إلى أن أخلاقه جيدة وهو يصلي، أي أصل الصلاة موجود، لكنه يتكاسل فيها، لكنه لا يتشجع في الذهاب إلى المسجد، قطعاً كل هذا من الأمور الخطيرة، لكنها ليست كترك الصلاة جملة وتفصيلا.

وعليه أرجو أن تواصلي الاجتهاد في الإحسان إليه ودعوته إلى الصلاة، وتشجيع الصلاة بالنسبة له، وأيضاً تحتسبين هذا الأجر فإنا نبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"، فكيف إذا كان الرجل هو هذا الزوج الذي اختارك ورضيته الأسرة، وأنت تذكرين له بعض الميزات، ونحن نتمنى أن يكمل هذه الميزات بأهم ما هو مطلوب وهو المواظبة على الصلاة في بيت الله تبارك وتعالى مع المصلين، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وتابعي مع موقعك، واجتهدي في الدعاء له، في دعوته، في حثه، من المهم أن تعلني له أنك تحبينه وتريدينه لكنك لا تستطيعين أن تستمري معه ما لم يحافظ على الصلاة، فالفرق كبير بين أن يرفض جملة وتفصيلا وبين أن نذكر ما فيه من إيجابيات، ثم نقول ليتك تكملها بأكبر الإيجابيات وهي السجود لرب الأرض والسماوات.

عليه أرجو أن لا تستعجلي في طلب الطلاق، وأرجو أن تستمري في محاولات هدايته ودعوته إلى الصلاح والصلاة والخير، واطلبي من إخوانك أيضاً إذا كانوا من المصلين أن يكونوا إلى جواره فيشجعونه، لا بد أن يكون في الأسرة من محارمك من هو مصلي وحريص على الصلاة، فلو أنه ارتبط بهذا الشاب الذي هو زوجك واقترب منه وأيضاً نصحه من ناحية وأنت تواصلين نصحه، المهم أن تجعلي هدايته مشروع حياة، مشروع دعوي بالنسبة لك، تبتغين به وجه الله تبارك وتعالى، ولا تستعجلين أمر الطلاق إلا بعد استنفاذ كل المحاولات، ونحن على ثقة أن الأمر سيتحسن والرجل يحافظ على أصل الصلاة كما فهمنا من استشارتك، ولا يصلي في المسجد إلا قليلاً فنحن نريد القليل أن يصبح كثيراً، وأن يواظب على الصلوات الخمس في بيت الله تبارك وتعالى، وهذا هو دورنا في إكمال هذا الخير الذي عنده، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، ونحن فخورين بأمثالك من الحريصات على هداية الأزواج.

ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً