الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجت من رجل متزوج ولكنه غير عادل ويرفض الإنجاب، أحتاج إلى نصحكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مطلقة طلاقا قبل البناء سابقًا، وبعدها تقدم لي شاب طيب ومتزوج من جنسية أخرى، تقدم من طرف أقاربٍ مدحوه لي كثيرًا، كان التفاهم والارتياح كبير بيننا، وكان متمسكًا بي بشدة، أخبرته بتجربتي السابقة التي لا أرغب بتكرارها، فوعدني كثيرًا وحلف أنه لن يضرني ولن يتخلى عني مهما حدث، وسوف يحافظ علي كما حفظ زوجته التي أتعبته سنوات عديدة، ويعدل بيننا.

أخبرته برغبتي في الإنجاب بعد ثلاثة أشهر، وأكد لي أنه يريد ذلك بشدة، وهذا هدفه، قلبت الدنيا من أجله، وتخاصمت مع أهلي، وأصررت على رغبتي بالزواج منه، لأنهم رفضوا زواجي من رجل متزوج، وهو أيضًا فعل كل ما يمكنه لإقناعهم، وأخيراً وافق أهلي ولكنهم حملوني مسؤولية اختياري.

كان يقول اصبري وتحملي من أجلي وسوف أعوضك عن كل شيء، وبعد الزواج مباشرة صدمت به، في كل مرة يجور علي، أو يأخذ حقي من أجل إرضاء زوجته، وأشياء كثيرة تغيرت، والوعود طارت، وعندما ذكرته بوعوده وبالعدل قال بأنه لا يستطيع العدل، ولا يستطيع إعطائي نفس حقوق الزوجة الأولى من مصاريف، ولا يمكنه أن يوفر لي مصاريف السكن، والأندية، والكوافير، وغيرها، قبلت وتجاوزت ذلك.

أخبرته برغبتي في الإنجاب حتى أنشغل بالأولاد وأبتعد عن الخلافات، فرد بأنه لا يريد الإنجاب حاليًا، ويرغب بتأجيل الإنجاب سنتين، وبشروط أيضًا، كعدم أخذ أولادي إلى بلدي، وأن تكون الحضانة في عصمته، وغيرها.

قبلت شروطه لكن رفضت فكرة الإنجاب بعد سنتين، فعمري 32 سنة، وحجته بذلك أنه يريد معرفة علاقتنا واستقرارنا خلال سنتين من الآن؟

حاولت معه كثيرًا بلا فائدة، واستمر في العزل حتى لا ينجب مني، تحدثت مع أهله وأخبرت والده ووالدته، تحدثوا معه لكنه ظل رافضاً، انهارت أعصابي وشعرت بالغدر فتجادلت معه بشدة، فرد قائلاً: (خلاص نحن لم نتفاهم وأنا لا أريد المشاكل، وتسريح بإحسان، وكل واحد في طريق)، بعد كل ما فعلته من أجله، وبعد أن واجهت أهلي لأجله، وبعد أن دخل بي، وبعد أن نقلت كل حياتي لبلده، كسر قلبي وقهرني قهراً لا يعلمه إلا الله، وكل مشاكلنا بسبب عدم عدله، ومنعي من الإنجاب، وإخلاله بوعوده لي.

علمًا أنه طيب معي، وأنا كذلك أحبه، وكل واجباتي أقوم بها، ومهتمة به، ومطيعة له، وحافظة لبيته وماله وأحترم أهله.

فوضت أمري إلى الله، ثم لجأت لأخذ نصيحتكم، أفتوني، ما حكم هذا الزوج؟ وماذا عن تصرفه في حق بنت أمنته على نفسها؟ وما حكم من يخلف وعده ولا يعدل بين زوجاته؟ وما حكم من يمنع زوجته من الإنجاب ثم يرغب في تطليقها لمشاكل هو السبب فيها؟

أعطوني حلاً ونصيحة وكل ما يوجد بين أيديكم، فأنا محتارة ولا أدري ماذا أفعل؟ ووجهوا له كلمة جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، وقد سُعدنا بما رأيناه من رجاحة في عقلك وحُسنٍ في تدبيرك، وحُسن الموازنة بين مصالحك وأمورك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

وقد أصبت كل الإصابة –ابنتنا العزيزة– حين قرّرت الزواج، ولا ينبغي أبدًا أن تندمي على ما فعلت، وكل شيءٍ في كتاب، قد قدّره الله تعالى وقضاه، وأنت وُفِّقتِ إلى خير كثير، فإن أعدادًا كثيرة من النساء والبنات ينتظرن الزواج ولم يُيَسّره الله تعالى لهنَّ، في الوقت الذي مَنَّ الله تعالى عليك بهذه النعمة، وإن كانت هذه الدنيا لا تخلو من كدر، فهذه هي طبيعتُها، وقد جَبَلها الله تعالى على خلق السعادة بالأكدار والأفراح بالأتراح، وكلُّ ذلك خيرٌ للإنسان المسلم، فإنه يشكر في النعمة والسراء فيكون خيرًا له، ويصبر عند المصيبة والضرَّاء فيكون خيرًا له.

وما فعله زوجك من إخلاف ما وعدك به لا شك أنه خُلق ذميم، ولا ينبغي له أن يفعله، ولكنّك في مقام تحتاجين فيه إلى الموازنة بين النتائج التي ستحصل فيما لو تمسّكت بكامل حقوقك، فإن ذلك قد يُؤدي إلى الفراق والطلاق، وبين ما إذا تنازلت عن شيءٍ من تلك الحقوق للحفاظ على أسرتك وزوجك، ونحن ننصحك بالثاني، وهو التنازل والإغضاء عن بعض الحقوق، وممَّا يُعينك على ذلك أن تعلمي أنك مأجورة على ما تبذلين في سبيل الحفاظ على أسرتك وبيتك.

وأمَّا بشأن الإنجاب فإن الإنجاب من حقك شرعًا، ولا يجوز للزوج أن يمنعك من الإنجاب، ولكن ما يبدو من كلامك أن الزوج إنما يريد تأخير الإنجاب ليرى مدى استقرار الحياة الزوجية بينك وبينه، فنصيحتُنا لك أن تأخذي بالأساليب التي تُوصله إلى هذا القرار، وتغرس في قلبه الاطمئنان لاستقرار الحياة الزوجية بينك وبينه، وأن تبذلي جُهدك في حُسن التبعُّل له والإحسان إليه، فإن النفوس مجبولة على حُب من أحسن إليها.

واحذري من أن يتخذ الشيطان إساءة زوجك لك، احذري من أن يتخذ ذلك سببًا لغرس الكراهية في قلبك وخلق الحزن فيه، فإن ذلك أقصى ما يتمنّاه الشيطان، فلا تدعي له فرصة بذلك، وتذكّري دائمًا ما في زوجك من الجوانب الإيجابية، وأنت قد فعلت ذلك، ولكن تذّكرك لهذه الجوانب يُقلِّل من الغضب على الزوج ويُبعدك عن الشعور بالنفرة والكراهية منه.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان، وييسّر لك أمرك كله، ومن ذلك إصلاح الحال فيما بينك وبين زوجك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً