الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي شاب صالح لكن أبي يرفضه.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

حياكم الله وجزاكم كل خير على هذا العمل.

سؤالي: تقدم لخطبتي شاب تظهر عليه صفات الصلاح، والله أدرى وأعلم به، وأرجو من الله أن يكون باطنه خير من ظاهره، رضيت منه دينه وخلقه، واخترته على هذا الأساس أخذاً وعملاً بوصية نبينا عليه الصلاة والسلام، فلما أراد أن يتقدم للتعارف أي الرؤية الشرعية رفض أبي مبدئيًا، وبعد محاولات رضي، وتقدم الشاب والحمد لله، وكان كل شيء على ما يرام، ولكن بعد الرؤية التي حرصنا أن تكون وفق شرع الله وبعد الرؤية، رفض أبي الشاب، وقطع معه الاتصال لسبب لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( السبب له علاقة بالأعراف والعنصرية والشركيات).

رفض زواجي به، وأنا بقيت متشبثة به؛ لأني رأيت فيه دعواتي خلال رمضان، ويوم عرفة وما رأيت فيه لحد الساعة سببًا مشينًا للرفض، ولو ظهر لي لما قلت إلا بما قال والدي.

أنا قبل ذلك استخرت الله، وأقمت الليل ودعوت الله بالخير، فهل علي ذنب في التشبث بموقفي وبهذا الزواج، (وفي نفس الوقت أدعو الله أن يقدر الخير) رغم رفض أبي، والدتي موافقة مبدئيًا لما رأته من خلق الشاب ودينه، والله أدرى به.

ماذا يجب علي أن أفعل في حال أصر على الرفض، وعندما أصلي أدعو الله إن لم يكن لي فيه خير أن يبعده عني بسبب آخر غير موقف أبي، ليس عدم ثقة في الله حاشاه تعالى، إنما لحاجة في نفسي يدري بها الله، فهل علي ذنب لدعوتي بهذا الدعاء؟

وما زادني تشبثًا وإعجابًا بالشاب هو حرصه أن تبقى العلاقة وفق شرع الله، وهذا نادر في زمننا فلا نتحدث إلا لضرورة قبل رفض الوالد، وبعد رفضه وقفنا الحديث حتى يحدث الله بعد ذلك أمرًا.

أسألكم الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

لا شك أن صاحب الدّين فرصة لا تُعوض، ومثل هذا الشاب المذكور ممَّا يحق للفتاة أن تتمسّك به، والفتاة هي صاحبة القرار، ونسأل الله أن يهدي الوالد لما يُحبّ ربنا ويرضاه.

وليس للوالدين أو لغيرهم الرفض، إلَّا إذا كانت هناك اعتبارات شرعية، ونحن لم تتضح لنا هذه الأمور، ولكن أنت تشعرين أن له ديناً، وأن الوالد يرفضه ربما لخلاف التصورات أو لخلاف مذهبي، أو نحو ذلك من الأمور التي لم تتضح عندنا.

وبما أن الوالد هو وليّ الفتاة أرجو أن يكون هناك سعيٌ لإرضائه، واغتنمي رأي الوالدة، واستعيني عليه بعد الله بالأعمام والأخوال والمؤثرين، حتى يُغيّر الوالد وجهة نظره، حتى يُحسّنوا عنده صورة الشاب المذكور.

ولا يمنعك شيءٍ من محاولة الارتباط أو الدعاء أو الحرص على أن يكون من نصيبك، مع أننا نريد أن تُقدّري هذه الأمور تقديرًا صحيحًا، فإذا شعرت أن الأمور لا يمكن أن تمضي بالطريقة التي ترغبين فيها، فننصح بالتوقف التام، ولعلّك أشرت إلى هذا، وهذا دليلٌ آخر على أنكما على خير. كونه يُوقف الحديث حتى يُحدث الله بعد ذلك أمرًا، وحتى تتغيّر وجهة نظر الوالد، وعليه أيضًا أن يُكرر المحاولات، وأن يُحسّن صورته، وأن يأتِي بأصحاب الوجاهات الذين يمكن أن يُؤثّروا على الوالد.

إذًا الطرفان ننتظر منهم أن يكون لهم سعي إيجابي ومحاولات، ثم بعد ذلك نرضى بما يُقدّره رب الأرض والسماوات، فالإنسان يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، ومن بذل الأسباب أن تقومي أنت بإدخال مَن يُؤثّر على الوالد، بدايةً بالوالدة، ومن بذل الأسباب أيضًا أن يأتي هو بوجهاء أو علماء أو مَن يمكن أن يُؤثروا على الوالد.

نسأل الله أن يُقدّر لكم الخير ثم يُرضيكم به، ولا مانع من التوجّه إلى الله بالدعاء، ونسأل الله أن يُعطيك حتى يُرضيك، وأن يُقدّر لك وله الخير ثم يُرضيكم به.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً