الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس النظافة والوضوء أتعبني فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي وسواس قهري في النظافة، أشك في أي شيء أنه غير نظيف، ولم أعد أفرق إن كان ذلك الشيء عاديًا أم نجسًا، أغسل يدي كثيرًا حتى تسببت بظهور القشور في يدي، مثلاً أشك بأن شيئًا مسني في رجلي، فأقوم بغسل قدمي والنعل قبل كل وضوء، وعندما أحاول تجاهل الوسواس أخاف فيما بعد أن أصلي وأنا لست نظيفة، فأعود وأغسل المكان الذي لمسني فيه أي شيء، هذا الوسواس يتعبني كثيراً، وخاصة بعد الاستنجاء، حيث إنني أغسل يدي العديد من المرات.

أرجو النصيحة في هذا الموضوع، فقد تعبت نفسيتي كثيرًا، وتسبب ذلك بمشاكل مع العائلة، نتيجة الإسراف الكثير في استخدام الماء، علمًا أنني كنت لا أهتم بهذه التفاصيل سابقًا، وأيضًا لدي وسواس بالوضوء، حيث لا أستطيع البدء وأكرر النية العديد من المرات، لأنني أحس بأن لساني يتحرك، كيف أستطيع التغلب على هذا الوسواس؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -بُنيّتي- عبر إسلام ويب، ونشكر لك سؤالك الواضح بكل ما فيه من تفاصيل، والتي تُشير بشكل أكيد أنك تعانين من الوسواس القهري، ولعلّك قرأت عنه، فتعرفين أن الوسواس القهري مرض نفسي، يتجلّى من خلال أفكارٍ، أو خيالاتٍ، أو صورٍ قهريّةٍ، تأتي إلى ذهنك رغمًا عنك، بالرغم من محاولتك لدفعها، إلَّا أنها تُلحّ إلحاحًا شديدًا فتقتحمُ عليك عقلك وذهنك.

غالبًا ما تأتي هذه الأفكار في شكل النظافة، كما هو حاصل معك (نظافة اليدين، نظافة القدم، سلامة الوضوء)، ممَّا يُؤثّر على حياتك بشكل كبير، فتجدين نفسك في الحمّام زمنًا طويلاً، وهذا أحيانًا يُحدثُ صعوباتٍ أُسريّة من الإسراف في استعمال الماء والصابون وغيرهما.

هذا الوسواس القهري المتعلِّق بالطهارة والنظافة يمكن أيضًا أن يُؤثّر في موضوع الوضوء والصلاة، فيبدأ الإنسان يُشكّك في وضوئه إن كان كاملاً، أو في تكبيرة الإحرام إن كانت سليمة، فيبدأ يُعيدُ وضوءه ويُعيد صلاته، ويدخل في دائرة معيبة.

بُنيّتي: هذه الأفكار القهرية لست مسؤولة عنها، فهي ليست بإرادتك، وإنما هي اقتحاميّة، قهريّة، تأتي بالرغم من مقاومتك لها، كثيرٌ من الناس يُعانون فترة طويلة لأشهرٍ أو لسنوات قبل أن يبوحوا للآخرين بهذه الأعراض؛ لأنهم يُدركون أنها غير منطقية، وأنها غير حقيقية، ويخجلون من استهزاء الناس بهم، فلذلك يُعانون في صمت لفترة طويلة.

بُنيّتي: الوسواس القهري أصبح له علاج فعّال، من خلال أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، وهي بشكل عام نفس الأدوية التي هي مضادة للاكتئاب، بالرغم من عدم وجود الاكتئاب، إلَّا أنها فعّالة في علاج الوسواس القهري، وهذا لا يمنع أن بعض الذين يُعانون من الوسواس القهري يدخلون في حالة من الاكتئاب النفسي بسبب الآثار السلبية للوسواس القهري على حياتهم بشكل عام.

بُنيّتي: أدعوك ألَّا تتأخري أو تترددي في أخذ موعد مع الطبيب النفسي، وفي تونس عدد طيب من الأطباء النفسيين المتميزين، فأنصحك بأخذ موعدٍ في أقرب فرصة، ليؤكد التشخيص، ويشرح لك الطبيب النفسي مراحل العلاج، ويصف لك الدواء المناسب، هناك عدد من الأدوية، أترك تسميتها للطبيب الذي ستراجعينه.

أبشّرُك أنه من خلال العلاج الدوائي ستتحكّمين أكثر في هذه الأفكار، وبالتالي تشعرين بالراحة، وبأنك غير مضطّرة إلى تكرار هذه الأفعال التي تُسيطر عليك في الوقت الحالي.

أدعو الله تعالى لك بالشفاء والصحة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً