الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لدي رغبة بالدراسة ومعدلي لا يؤهلني لكلية الطب، ما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

لقد أنهيت المرحلة الثانوية هذا العام، لكن المعدل ليس مستواي؛ حيث إنني انقطعت عن الدراسة لمدة 3 أشهر قبل الامتحانات، وكان بسبب المرض، ثم أصابتني حالة نفسية فأصبحت مكتئبة، وأنا الآن أريد أن أعيد المواد، لأنني أطمح لدراسة الطب، بدأت أدرس بعد نتائجي، ولكن قبل فترة وإلى الآن لا أستطيع أن أدرس، وليس لدي رغبة بالدراسة، وأشعر أن ما حدث معي بالسابق سوف يتكرر، وكان سبب ما حدث معي هو الحسد، لأني طوال سنواتي السابقة كنت من الأوائل على صفي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وكيف أغير من وضعي؟

ربما ما أحتاجه هو شخص يدرس معي ويشجعني، ولكن لا يوجد أي شخص يستطيع أن يدرس معي، فصديقاتي حصلن على معدلات تسمح لهن بدخول الطب، وأنا الوحيدة التي أصبحت فاشلة، ليس لدي إرادة أو عزيمة، أرهقت لدرجة أنني لا أستطيع أن أجتهد في دراستي، فأنا أعلم أن الدراسة تحتاج إلى جهد، لكني لا أبذل جهدي، لست قادرة على أن أحفز نفسي بنفسي لكي أدرس، لا أعلم لماذا يحدث كل هذا معي؟

في سنواتي السابقة كنت أبذل أضعاف جهدي الآن، إضافةً أني أصاب من فترة إلى أخرى بهلاوس في الليل، وذكرياتي التي مررت بها الفترة الماضية التي كانت صعبة جداً، فلولا والديّ وانتشالهما لي، حيث كانت أمي تجلس معي في الغرفة كي تهدّئ من حالتي النفسية، ووالدي الذي كان يجلس معي في الامتحانات، ومساعدتهما لي في الدراسة ليالي الامتحانات حتى الصباح، فلولاهما لكنت الآن راسبة، ولا أعلم كيف أعود إلى سابق عهدي، أو حتى كيف أصبر على الدراسة، فأنا أريد أن أسعدهما وأعوضهما عن كل الألم الذي تسببت به لهما.

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

أولاً: نبارك لك العلاقة الطيبة والوثيقة مع والديك، فهذه أعظم من أي تخرج، وأفضل إنجاز يمكن أن يحصل عليه الإنسان في حياته، كما أن حرصك على إسعاد والديك اللذين سهرا عليك وتعبا من أجلك هو نوع من البر والإحسان الذي يدخل في قول الله عز وجل : ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِیَّاهُ وبالوالِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنًاۚ إِمَّا یَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَاۤ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَاۤ أُفّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلاً كَرِیماً﴾ [الإسراء ٢٣].

أما بخصوص معدلك الذي لا يؤهلك لكلية الطب، فهنا يمكن النظر إلى عدد من الأمور:

- هل أنت حريصة على الطب كهواية وميول، أم لمجرد إرضاء من حولك كوالديك -مثلا-؟
إن كان حرصك على هذا التخصص كهواية وميول، فهنا يمكن أن تفكري في إعادة السنة للحصول على معدل أعلى، أما إن كان لمجرد إرضاء من حولك، فهنا عليك أن تتريثي في اتخاذ قرار إعادة السنة؛ لأنك قد تندمين مستقبلاً على دخول هذا التخصص إن كنت لا تميلين إليه ولا تحبينه، ويمكنك البحث عن تخصص آخر يناسب ميولك وقدراتك واستعداداتك، ويمكنك الاستعانة بقسم الإرشاد الطلابي في الجامعة أو المدرسة، وتناقشين معهم موضوع الميول والتخصص الدراسي، وهناك مقاييس يمكنك استعمالها، وهي موجودة على النت، ومواقع تساعدك في اكتشاف ميولك الدراسي.

- في حال استقر رأيك على دخول كلية الطب، وكنت مصممةً على ذلك، ورغبت في إعادة السنة الدراسية للحصول على معدل أعلى، فهنا عليك البحث عن أسباب تعكر مزاجك النفسي، وهل تعانين من الاكتئاب أم لا، وبالتالي قد يتطلب الأمر تشخيصاً لدى الأخصائي النفسي الذي سيحدد لك طبيعة مشكلتك، ويضع لك بعض الإرشادات النافعة التي تعينك على تجاوز وضعك.

- يمكنك تغيير نمط حياتك، ووضع جدول يومي بفعاليات مختلفة وأنشطة متنوعة، ويفضل أن يكون فيها حركة كأنشطة رياضية أو مشي ونحوه.

- الحرص على القرب من الله تعالى سيعينك كثيراً على تحمل الصدمات النفسية، وتجاوز كثير من الصعوبات، وهنا يمكن أن تحافظي على قراءة صفحة واحدة من القرآن يومياً، وأن تصلي ركعتين في الليل، أو تصلي صلاة الوتر (ثلاث ركعات)، وتحرصي على الدعاء فيها، ويمكنك قول هذا الدعاء المجرب للهم والحزن: (اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُــــلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي) ويمكنك أن تقولي في بداية الدعاء: اللهم إني أمتك، بنت عبدك، بنت أمتك.. وتكملي بقية الدعاء. وأيضا يمكنك أن تدعي بهذا الدعاء: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ)).

- يمكنك اللجوء إلى تمارين الاسترخاء وتكرارها كلما شعرت بالضيق، وهجوم الضغط النفسي عليك. يمكنك مراجعة هذه الاستشارة (2136015).

- ابتعدي عن مقارنة نفسك مع صديقاتك، فالله عز وجل أعطى كل إنسان قدراته الخاصة به، وهيأ له ظروفه التي تناسبه، مثلا: قد تجدين إحدى صديقاتك أكثر منك بالدرجات لكنها فاشلة في علاقتها مع والديها، فهذا لا يعتبر مؤشراً على نجاحها في حياتها، بل دليل فشل.

وإذا سألنا أنفسنا سؤالاً: لماذا ندرس ونتعب ونعمل؟ أليس من أجل أن نكون ناجحين في حياتنا ونعيش بسلام وسكينة نفسية؟
كيف ستتحقق السكينة النفسية إذا كنا في علاقة سيئة مع الوالدين أو مع إخواننا وأخواتنا، وهكذا سنجد أن الله عز وجل وزع الأرزاق والحظوظ في الدراسة والتخصص والأسرة والوطن، والجنس واللون.. إلى آخره.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً