الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجرت زوجها شهوراً بحجة عدم تلبية جميع طلبات بيته..ما تعليقكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما رأيكم في زوجة تهجر زوجها بالفراش لأكثر من ثلاثة أشهر، بحجة أن الزوج لا يستطيع تلبية جميع طلبات بيته، من جامعات ومصاريف؛ وذلك بسبب تضعضع عمله بعض الشيء، علمًا أن الدراسة في الجامعات غالية، وكذلك المدارس الخاصة، مع العلم أن الزوجة امرأة عاملة، ولا تساعد زوجها، وتتهمه دائمًا بالفشل، وهذا أدى إلى زيادة الخلافات، وصار أولاد الرجل يهجرونه، ولا يجلسون ولا يتحدثون معه، لأن الأم لا تجلس معه، وتعامله معاملة سيئة، ولو حدث أي خلاف تبدأ بالسب وعدم الاحترام.

ما هي الفتوى الشرعية لهذه الحالة؟ علمًا أن الزوج يفكر في إنهاء العلاقة، ولكن التفكير في الأولاد والبنات يمنعه من اتخاذ أي قرار.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جميل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

الحياة الأسرية –أيها الحبيب– فيها تبادل للحقوق والواجبات، والإنسان المسلم ربّاه دينه على العدل والإنصاف، فقد قال عمّار بن ياسر –رضي الله تعالى عنه– كما في صحيح البخاري: (ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ)، وقد ذمَّ الله تعالى صِنفًا من الناس بأنهم يطلبون حقوقهم كاملة ولكنّهم يتهرّبون من أداء الواجبات التي عليهم، فقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}.

فديننا الحنيف يُربّي ضمائرنا على القيام بالواجب والمطالبة بالحق، ونصيحتُنا لهذا الزوج أن يتقي الله تعالى بقدر استطاعته في القيام بواجبه نحو أسرته، سواءً الزوجة أو الأولاد، والواجب عليه أن يُنفق على زوجته النفقة اللائقة بها وبه، من المسكن والمشرب والملبس والمطعم ونحو ذلك، وكذلك يُنفق على أولاده النفقة اللائقة بهم إذا كانوا صِغارًا أو كِبارًا لا يجدون عملاً يليق بهم، وكانوا أي الصّغار أو الكبار بهذا الوصف فقراء ليست لهم أموال يُنفقونها على أنفسهم.

بهذه الشروط يجب عليه أن يُنفق على أبنائه، ولا يجب عليه أن يُعلّمهم أو يُدرّسهم في الجامعات التي تتطلب رسومًا باهظة، وكذلك المدارس الخاصّة، فلا يُكلّف الله نفسًا إلَّا وسعها.

والزوجة كذلك إنما تجب نفقتُها إذا كانت في بيت الزوج، لا تخرج إلَّا بإذنه ورضاه، فإذا نشزتْ هذه الزوجة، أي ترفَّعتْ عن طاعة زوجها فإن نفقتها في هذه الحالة تسقط حتى ترجع إلى طاعة الزوج، وإذا كانت تخرجُ للعمل بإذنه ورضاه فقد أَذِنَ لها، فهي خارجةٌ إذًا برضاه وبإذنه، وينبغي التصالح فيما بينهم على نوع المشاركة التي ستُشارك بها هذه الزوجة ما دامت تخرج للعمل.

ولكن بكل تقدير لا يجوز للزوجة أن تهجر فراش زوجها ما دام يُنفق عليها النفقة التي تجب عليه كما قدّمنا قبل، وينبغي تذكيرها ووعظها ونُصحها، فإن هذا الطريق أرشد الله تعالى إليه الزوج، فقال: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}، فإن الوعظ نافع -بإذن الله تعالى-، فينبغي أن يُتخذ هذا وسيلة للإصلاح داخل الأسرة، الوعظ والتذكير بالحقوق والواجبات، والاستعانة بكل الوسائل المؤثّرة، بأن تُسمع هذه الزوجة المواعظ التي تتأثّر بها إذا كان لا ينفع معها النصح المباشر، أو الاستعانة بالأقارب الذين يُؤثّرون عليها، ونحو ذلك.

نسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • قطر ِAbed

    اسلوب الجدل موجود عند معظم النساء بسبب طبيعة خلقهن ، و الحل في حديث الرسول صلى الله عليه و سلم ، لا يبغض مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً