الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف من الوحدة وقلة الأصدقاء، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب أبلغ من العمر 22 سنة، أعاني كثيرًا من الوحدة وأخاف منها، أنا حاليًا أسكن في غرفة مع صديق، لكن صديقي غالبًا ما يغيب، كنت قد أضعت ثلاث سنوات من حياتي بسبب هذا الضيق النفسي، وأخاف أن أضيع هذه المرة كليًا.

هناك شيء يفرحني، وهو مداومتي على الصلاة في وقتها مع الجماعة، كلما ابتعدت عن أهلي ومنزلي أجد صعوبة في بناء العلاقات مع ناس جدد، خصوصًا من اختلفت طبقته أو لهجته عني، أحس دائمًا بأن نجاحي لن يتعدى بلدتي النائية.

أنا و-لله الحمد- بار بوالدي ووالدتي، وأقضي حوائجهم، وأخاف كثيرًا من إغضابهم، وأكثر ما يخيفني هو أنني لا أعرف ماذا أريد أن أكون، مع العلم بأن أبي قد ترك لي حرية الاختيار.

تخصصت أولًا في الاقتصاد، ثم فصلت، ثم دخلت العلوم الرياضية وفصلت، بعدها اخترت الدراسات الإسلامية والإلكتروميكانيك على التوازي، وأنا -بفضل الله- مستمر فيهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابراهيمي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: الحمد لله على استقامتك والتزامك بصلاتك، و-الحمد لله- على برّك بوالديك، -فإن شاء الله- ببرِّهما تنال خيري الدنيا والآخرة.

ثانيًا: النجاح يمكن أن يبدأ في حدود البيئة التي تعيش فيها، ثم ينطلق تدريجيًّا إلى مستويات أكبر، فلا تستعجل -ابننا الكريم-، فأول الغيث قطرة، فما دام لك طموح ولديك أهداف واضحة فستصل -إن شاء الله تعالى- إلى تحقيق ما تريد.

ثالثًا: التجارب التي مررت بها خاصة ما يتعلق بتغيير التخصص أكثر من مرة ينبغي الاستفادة منها، في وضع خطط جديدة وأهداف نيّرة، ودراسة المعوقات، ومعرفة أسباب الفشل لكي تتمّ معالجتها ولا تتكرر مرة أخرى، والمهم في هذا الأمر هو استشارة ذوي الخبرة في أي مجال تنوي الخوض فيه، أو التخصص فيه، وأن تستخير الله سبحانه وتعالى في كل خطوة تقدم عليها، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب.

والاستشارة مهمة جدّا، خاصة إذا جلست مع أساتذتك ومعلّميك أو مَن تثق فيهم، وأن تقرأ كتب السير الذاتية للعلماء وللعظماء وللمخترعين، فهذا أيضًا قد يُساعد في بلورة أهداف لحياتك، وتعرف أنك ماذا تريد، وتعرف أنك في أي مجال تجد نفسك.

فخطوة تحديد الأهداف هي الخطوة الأساسية في ماذا تريد، وإيجاد الوسائل لتحقيق ما تريد.

رابعًا: مسألة العزلة والوحدة يمكن الخروج منها، وهو ليس بالأمر الصعب، إذ أن الإنسان قادر على تكوين علاقات مع الآخرين، إذا عزم على ذلك، وإذا توفرت الشروط اللازمة لتحقيق ذلك، فرغم اختلاف الناس في لهجاتهم وفي لغاتهم وفي أجناسهم؛ فليس هذا عائقًا كبيرًا، إنما هذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى، لقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}، وهذا الأمر ربما يُشكّل ثقافة إضافية أخرى بالنسبة لك، ويُشجّعك للتعرف على ثقافات أخرى وعلى لغات أخرى وعلى لهجات أخرى، فيكون دافعًا للإقدام وليس للإحجام.

فالآن أنت تعيش في بيئة طُلّابية مليئة بمن هم أقرب منك عُمرًا وعلمًا وثقافةً، فبادر أنت بالتعرُّف على مَن ترى أنه يُقاربك في الأفكار والميول والاهتمامات، وابدأ معهم بالتحية والسلام والاحترام، ثم الإكرام، ثم تبادل الهدايا الرمزية، أيًّا كانت، ثم المشاركة في المناشط الرياضية والاجتماعية والثقافية.

وأيضًا حاول اغتنام الفرص التي يمكن أن تُظهر فيها إبداعاتك ومميّزاتك، أيًّا كانت، فربما يجذب ذلك الآخرين ويُشجّعهم على التقرُّب منك، فبدل من أنك تبحث عنهم فإنهم سيبحثون عنك، ولا تنسى -ابننا الفاضل- التدريب على التسامح وعلى الاعتذار، فهما يعتبران جنحان من أجنحة المحافظة على العلاقة مع الآخرين، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُهيأ لك الصحبة الحسنة، وأن يُبعدك عن شرار الخلق.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً