الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغم أمراضي النفسية والجسدية لازلت أشعر بالسعادة

السؤال

السلام عليكم.

منذ أن كان عمري 11 سنة، أصبحت انطوائية، خاصة مع الأقارب بسبب تنمر أطفالهم، والتعنيف من إخواني، ومقاطعتهم لي، وكنت أعيش مع الأجهزة الإلكترونية، وبعد سنوات أصبت بقصر نظر حاد وعمى جزئي مؤقت، وارتفاع بسيط في الكوليسترول والسكر التراكمي، ثم أصبحت أخاف على صحتي، وقررت الخروج من المنزل، وممارسة المشي.

كنت أعيش في محافظة صغيرة، وأذهب إلى نفس الأماكن، وكان الموظفون يعرفون أني لا أشتري، ثم بدؤوا يطردونني، وبعضهم يصفني بالمجنونة، وتعرضت للعنف من والدي بسبب البلاغات ضدي من الموظفين، وقمت بفتح محضر ضد أبي، ثم أصبحت أفكر بالعمل، وذهبت لمنطقة أخرى، ولم يقم السائق بإيصالي للمكان الصحيح، وأوصلني لفرع قديم، وجلست على الرصيف، فجاءت الشرطة واعتقدوا أني مجنونة بسبب أسلوبي الضعيف، واتصلوا بوالدي وسألوه، هل ابنتك مريضة؟ قال نعم -بسبب البلاغ الذي رفعته ضده-، ثم طلبوا الإسعاف، وقام المسعف بحقن ذراعي وأغمى علي، وعندما استيقظت أنزلوني لمستشفى الأمراض النفسية، وبعد أسبوعين تم تقييمي من 3 أطباء، وقالوا بأني مصابة باضطراب البارانوية والاكتئاب، ووصفوا لي مضادات الذهان والاكتئاب، وخرجت من المستشفى وأصبت بارتفاع هرمون الحليب والسكر التراكمي بسبب الأدوية، ورفض الطبيب إيقافها، فتوقفت عنها تدريجياُ.

ما زلت أذهب للطبيب حتى الآن منذ سنتين، ولكن لا أقوم بصرف الأدوية، وهو لا يعلم بذلك، وما زلت انطوائية وأرفض الزواج، وأصبحت أكره البحث عن عمل لأني لا أعرف كيف أتعامل مع الناس، ودائماً أشتم نفسي، وأصبحت لا أهتم بصحتي، ولا أخاف من الأمراض، ومع كل هذا أشعر بقمة السعادة، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر إسلام ويب، ونشكرك على كتابة هذه التفاصيل التي وردتْ في سؤالك.

حقيقةً آلمني سؤالك، وقرأتُه أكثر من مرّة، وما سأقوله ربما قد لا يُلبّي ما كنت تتطلّعين عليه في الجواب، لأن عليَّ أن أكون صريحًا معك، فالمستشار مؤتمن.

ابنتي الفاضلة: نعم ربما تجارب الطفولة تجعل من الإنسان انطوائيًا بسبب التنمُّر وغيره، ثم ما تعرَّضت له من العنف وسوء المعاملة -كما ذكرتِ- من الوالد أو من سُكّان المنطقة التي كنت تعيشين بها، ثم اتُهمت بالمرض النفسي (وبالجنون) ثم قام المُسعفون بحقن مُهدئ وأخذك إلى المشفى النفسي، كل هذا لا شك يجعلك تشعرين بالألم والحرقة.

ولكن -ابنتي الفاضلة- المشافي في معظم البلاد إنما تعمل وُفق قانون للصحة النفسية، فإذا قام ثلاثة أطباء بفحصك النفسي، ثم شخّصوا ما ورد في سؤالك من اضطراب البارانويا (paranoia) أو (الزَّور) والاكتئاب، ووصفوا لك مضادات الذهان والاكتئاب، فالمرجّح عندي أنك بحاجة إلى متابعة هذا العلاج، فصحتك النفسية وحياتك قيّمة، أكرمك الله تعالى بهذه الحياة، وعلينا واجب رعاية صحتنا البدنية والنفسية.

ابنتي الفاضلة: لا تجعلي الوصمة الاجتماعية وموقف الناس ممَّن هو مُصاب بمرض نفسي -وما نسميه الوصمة- لا تجعلي هذه الوصمة تقف بينك وبين تلقي العلاج المناسب، تبقى الاستشارة الإلكترونية إنما هي استشارة عن بُعد، وليس من رأى كمن سمع، لذلك أنصحك بأن تعودي إلى الطبيب النفسي لتفهمي منه كل شيءٍ بالتفصيل، وتعرفي حقيقة التشخيص، تشخيص المرض الذي تعانين منه، ثم تتابعين أخذ العلاج بكل صدق وأمانة، كما ذكرتُ لك صحتك غالية عليك وعلينا، ونتمنّى أن يكتب الله لك الصحة والشفاء التام.

ابنتي الفاضلة: سرّني أنك تشعرين بالراحة والسعادة، هذا أمرٌ طيب، ولا بأس أن تقولي هذا للطبيب؛ لعلّ هذا يُساعده أيضًا في وضع التشخيص الأدق، ومن ثم العلاج المناسب.

وأضيف أخيرًا أن تناقشي هذا الوضع كله مع من تثقين به من أفراد أسرتك، فلا شك هناك مَن هو حريصٌ عليك وعلى صحتك، وأرجو ألَّا تشعري بالوحدة والعزلة، فالإنسان مخلوق اجتماعي، يرتاح في التعامل مع الآخرين.

أرجو أن أكون قد أرشدتك إلى ما أعتقد أنه الصواب في هذه الحالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً