الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الخوف المصاحب للامتحانات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على جهودكم الطيبة، وأسأل الله لكم الأجر والثواب، أما بعد:

أنا طالب، أدرس الطيران المدني، ولاحظت منذ أمد بعيد أني في وقت الاختبارات يأتيني نوع من الخوف والتوتر، يمنعني من النوم؛ مما قد يؤثر على أدائي في الاختبارات.

علماً بأني -والله الحمد- مؤمن بالله، وبأن كل شيء مرده إلى الله، ولكن لا زالت المشكلة تواجهني، مع أني في الأيام الطبيعية أنام بيسر، وبدون مشاكل أبداً، ولله الحمد.

ما رأيكم في الحالة التي أمر بها؟ وهل هناك شيء أستطيع القيام به؟ سواءً عن طريق الأدوية أو أي شيء آخر.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ليس لديك أي علّة مرضية نفسية، ولا حتى عضوية أيضًا إن شاء الله تعالى، الظاهرة التي تحدث لك هي ظاهرة معروفة، ونسمّيها بقلق الأداء، قلق الأداء مطلوب جدًّا لكي ينجح الإنسان في أي شيء يريد أن يقدم عليه.

هذا القلق طبعًا يتفاوت حسب الموقف، وحسب شخصية الإنسان، وحسب أهمية الموضوع الذي يريد الإنسان أن يقدم عليه، فالمواجهات أيًّا كانت تولّد القلق داخل الإنسان، ويحدث زيادة في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، ويتم إفراز مادة تُسمَّى بالأدرينالين، وهي التي تؤدي إلى الشعور بالخوف، وربما شيء من ضربات القلب، وكذلك صعوبة في النوم.

عليك أن تفهم -يا أخي- أن هذه الظاهرة ظاهرة فسيولوجية نفسية طبيعية، هذا في حدّ ذاته سيفيدك، هذا القلق نعتبره قلقًا دافعًا وإيجابيًّا، لكن حين يزيد عن الحد المطلوب ربما يؤدي إلى شيء من القلق والتوتر كما في حالتك.

أنا أقترح عليك أن تحاول ألَّا تسهر في بقية الأيام العادية، واجعل دراستك جُلَّها في النّهار، وما تدرسه ليلاً يجب ألَّا يكون لساعات متأخرة، وأنت حين تنام مبكّرًا قطعًا سوف يحدث استجمام كامل للجسد، وترميم لخلايا الدماغ، وتستيقظ من النوم وأنت نشط، وتؤدي صلاة الفجر، وبعد الصلاة والاستحمام مثلاً ادرس، هذه فترة جيدة جدًّا، لمدة ساعة مثلاً قبل أن تذهب إلى المرفق الدراسي. عوّد نفسك على هذه الأسس، وهذه في حدِّها سوف تُقلل قلق الأداء.

الأمر الآخر: أريدك أن تتدرّب على تمارين الاسترخاء، تمارين التنفُّس المتدرِّجة، هذه التمارين بسيطة جدًّا، ويمكننا شرحها في عُجالة: وأنت جالس على كرسي مريح داخل الغرفة، أو مستلق على السرير، أغمض عينيك لكن ليس بشدة، وافتح فمك قليلاً، وتأمّل في شيء طيب، وقل: (بسم الله الرحمن الرحيم، أنا الآن في حالة استرخاء، الحمد لله أنا سعيد)، وقم بأخذ نفسٍ عميق وبطيء عن طريق الأنف، وهذا هو الشهيق، يجب أن يستغرق ثمان ثوانٍ، بعد ذلك احصر أو أمسك الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، وهذا مهمٌّ جدًّا؛ لأن مسك الهواء في الصدر يجعل الأكسجين يتوزّع على الجسم عن طريق الدم، ويُجدّد الطاقات بصورة إيجابية جدًّا، بعد ذلك أخرج الهواء بقوة وببطء، لكن عن طريق الفم، وتُكرر هذا التمرين خمس مرات متتالية.

تمرين ممتاز جدًّا، مَن يُؤدّيه بإجادة وتدبُّر وتمعُّنٍ لا شك أنه يزيل القلق والتوتر، ويُحسِّن النوم حتى في أيام الامتحانات، وهذا التمرين يُمارس مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم.

بعد ذلك -أخي الكريم- أقول لك: لا بأس أن تتناول أدوية بسيطة مضادة للقلق، هنالك دواء يُسمَّى (اميتريبتيلين Amitriptyline) ويسمَّى (تربتزول Tryptizol) دواء قديم جدًّا لكنّه جيد لإجهاض مثل هذه الحالات، استعمله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً ساعة قبل النوم، وإن شاء الله تعالى سيُساعدك كثيرًا، تناوله مثلاً لمدة شهرٍ إلى شهرين، ثم بعد ذلك توقّف عنه.

إذا كان في يوم الامتحان مثلاً وأحسست بخوف فتناول دواءً آخر يُسمّى (إندرال Inderal) ويُسمَّى (بروبرانولول Propranolol)، هذا تتناوله بجرعة واحدة ساعتين قبل موعد الامتحان، والجرعة هي عشرون مليجرامًا فقط، هذا أيضًا مفيد جدًّا كدواء مضاد للخوف والتوتر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً