الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب الوساوس التي أعاني منها؟ وما علاجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


متزوج ولدي طفل، بدأت أعاني منذ نهاية السنة الماضية 2021 من عدة أعراض:

أولاً: إذا شاهدت خيطاً أو ورقة شجر أو نبات أو خيطاً على ملابس شخص فإنني آخذه من على ملابسه، وأتفحصه جيداً، وفي هذه الحالة إما أن آكله أو أضعه في جيبي.

ثانياً: إذا مر بجانبي شخص يحمل بيده شيئاً، فإنه ينتابني الفضول لمعرفة ما بداخل هذا الكيس.

ثالثاً: إذا كنت جالساً، وأثار انتباهي أي شيء، سواءً كانت: شعرةً ملقاةً على الأرض، أو خيطاً بلاستيكياً، فإنني ألتقطه وأتفحصه وآكله، وفي بعض الأحيان أمسك الخيط أو الشعرة من الطرفين وأرميها على الأرض بدون أن أنظر إليها.

وقد ذهبت إلى طبيب نفسي مختص بتاريخ 4/7/2022 ، ووصف لي دواء الاسيتالوبرام، كانت جرعة البداية تركيزها 10 mg لمدة عشرين يوماً، ثم رفعها إلى تركيز 20 mg لمدة 3 أشهر، وقبل أسبوع رفع التركيز إلى 30 mg وإلى الآن أنا أعاني من وساوس فكرية.

أرجوكم ساعدوني، ما هو الدواء المناسب لحالتي؟ وما هو التشخيص الدقيق لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب.

وصفك لحالتك واضح جدًّا، والذي تعاني منه هو ما نسميه بالطقوس الوسواسية، وهي قطعًا سخيفة ولا شك في ذلك، -وكلمة سخيفة هذه أريدك حقيقة أن تركّز عليها كثيرًا- لأن تحقير الوساوس لا يتأتى إلَّا من خلال القناعة المطلقة بأنها شيء سخيف وحقير، ويجب ألَّا يستحوذ على اهتمامنا.

هذه هي الكلمة المركزية، يجب أن يكون لديك التطور المعرفي الصارم، بأن تتعامل مع الوسواس من خلال التحقير، والتحقير أن تُدرك أنه لا قيمة له، وأنه سخيف، وأنه يجب أن تتوقف عنه. هذه هي النقطة الأساسية في العلاج.

النقطة الثانية: وهي مهمّة جدًّا، وهي: أن تلجأ لما نسميه بصرف الانتباه من خلال الإتيان بفعل مضاد، مثلاً عرضك الأول، وهو أنك إذا شاهدت خيطاً، أو ورقة الشجر، أو نبات، أو خيطاً على ملابس ذلك الشخص، فإنك تأخذه من على ملابسه وتتفحصها جيدًا.

أخي الكريم: بدلاً من هذا الفعل مثلاً قم بأخذ نفسٍ عميق، واحمد الله تعالى، ثم كرر هذا النفس، ثم استغفر، هذا فعل مخالف، وفكر مخالف؛ لأن أخذ النفس يتطلب الفعل أو مثلاً: قم بدل أن تتفحَّص ما على ملابس هذا الشخص؛ قم أنت بتغيير مكانك، أو قم بالإمساك بأي شيء بيدك، شيء آخر وتفحصه، مثلاً: انظر إلى ساعتك وتفحصها، بأن تقوم على التأكيد على بلد المنشأ، وأين صُنعت، وكيف صُنعت، ومَن هو أوّل من صنع الساعة... وهكذا. هذا نسميه بصرف الانتباه، وهو علاج فعّال جدًّا لمن يُطبقه بصورة إيجابية.

الأمر الآخر: الذي أريدك أن تتدرّب عليه هو ما نسميه بالعلاج التنفيري، مثلاً: نفس موضوع ورقة الشجرة أو الخيط؛ فكّر في هذا الأمر، وفجأة قم بالضرب على يدك على جسم صلب، الهدف هو أن توقع الألم الشديد على نفسك، تُكرّر هذا التمرين، تفكّر في موضوع ورقة الشجرة أو الخيط، ودون أن تأخذه، ودون أن تُحرّكها من مكانها، وقم بالضرب على يدك على جسم صلب مثلاً مثل سطح الطاولة.

الربط ما بين الألم والطقوس الوسواسية يُضعفها كثيرًا، هذا تمرين أيضًا يُكرر بجدّية، ويُكرر عشرين مرة على الأقل، بمعدل مرة صباحًا ومرة مساءً.

إذًا - يا أخي - لديك عدة تمارين سلوكية، هذه أفضل من الدواء، الدواء يساعدك، وسوف أكلّمك عن الدواء، لكن لا تجعل الدواء هو السبيل الوحيد للعلاج، إنما تحقير الفكرة، إيقاف الفكرة، صرف الانتباه عن الفكرة، واللجوء إلى تمرين التنفير. وبصفة عامة أيضًا: يجب أن تتجنب الفراغ، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، ويجب أن تشغل نفسك بما هو مفيد، على مستوى الفكر، وعلى مستوى حُسن إدارة الوقت. هذه - يا أخي - علاجات مهمّة جدًّا.

طبق بعض التمارين الاسترخائية؛ لأن الوساوس تُشجعه الطاقة القلقية المحتقنة، والإنسان حين يُمارس الاسترخاء قطعًا القلق سوف يزول، توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا مع احترامي الشديد للطبيب الذي طلب منك أن ترفع جرعة الـ (سيبرالكس) إلى ثلاثين مليجرامًا، لا أقول لك أن هذه جرعة سُمّيّة، لكن أنا لا أزيد على عشرين مليجرامًا من السيبرالكس، وحين تكون عدم استجابة جيدة - كما هو في حالتك - أضيف دواءً آخر، والـ (بروزاك) والذي يُعرف باسم (فلوكستين) هو الدواء الأفضل.

إذًا كبسولة من البروزاك زائد عشرين مليجرامًا من السيبرالكس، وفي بعض الأحيان أيضًا أضيف دواءً ثالثاً يُعرف باسم (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً، هذا نسميه بالعلاج التدعيمي، لكن -يا أخي- هذه التركيبات العلاجية مراحل، يجب ألَّا نقفز عليها، وهذا يتطلب طبعًا المواصلة والتواصل مع الطبيب.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً