الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد إصابتي بجرثومة المعدة أصبت بالوسواس القهري.

السؤال

السلام عليكم.

اسمي عبدالله، أتحدث ٤ لغات، ذكي، وقوي، اجتماعي، ورياضي -معضل-، حتى كنت معروفاً بالتفاؤل عند أهلي في الأيام الصعبة، ولا أعرف الاضطرابات النفسية هذه.

قبل ثلاث سنوات أصبت بجرثومة المعدة، وصرت أوسوس، وأخاف من الأكل، وأقرأ في جوجل كثيراً عن الأكل، لدرجة أني حرمت نفسي من أكلات كثيرة؛ مما سبب لي وسواساً قهرياً، ثم تخلصت من الجرثومة، ورجعت آكل كل شيء، ولكن ظل القلق والخوف والوسواس يلازمني، وفقدت طعم الحياة، ولم أعد كالسابق، وذاكرتي ضعفت (خصوصاً على المدى القصير)، وتنتابني أفكار سلبية، وفقدت تقدير الذات.

منذ ٣ سنوات أنا متجاهل لهذه الأعراض على أمل أني سأرجع لطبيعتي.

أحياناً تخف الأعراض، وأحياناً أنتكس، وأتمنى لو أرجع وأشعر بلذة الحياة مثل السابق.

في فترة جرثومة المعدة شربت دواء نيكسيوم جرعة ٨٠ مج يومياً لفترة أسبوعين، كنت أشك أن الدواء سبب لي اضطراباً في إشارات دماغي.

على العموم أنا لا أحب شرب الأدوية، وأتمنى أن تفيدوني في إمكانية الشفاء من دون أدوية؟

وإن كان لا بد من ذلك، فكيف أتعامل مع أعراضها الجانبية؟ فقد حذرني أشخاص من أنها تسبب التبلد الجنسي ،الخ.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: الإنسان يتقلَّب ما بين الصحة والعافية وضدِّها، الصحة والعافية النفسية وكذلك الجسدية، وحتى الآن هناك كلام عن الصحة الاجتماعية.

ما حدث لك من تغيرات إن شاء الله هو بسيط جدًّا، لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف الوسواسي، وهذه الحالات لا نعتبرها حالات مرضيةً، إنما هي نوع من الظواهر أو الهفوات، ويُعرف أن جرثومة المعدة والإصابة ببعض الفيروسات حتى التي تُؤدي إلى الأنفلونزا ربما يعقبها نوع من العُسر المزاجي والتوترات والقلق والمخاوف.

هذه ظواهر طبيعية جدًّا، وهذا التغيُّر الذي طرأ عليك إن شاء الله تعالى يزول، فقط من الناحية الإرشادية عليك أن تُنظّم وقتك، هذا مهمٌّ جدًّا، وتنظيم الوقت يتطلب تجنُّب السهر، وأن تحرص على النوم الليلي المبكّر؛ لأن ذلك يُساعد كثيرًا في استقرار النواقل العصبية الدماغية، وأنا لا أعتقد أبدًا أن علاج جرثومة المعدة أو الـ (نيكسيوم Nexium) أدى إلى أي اضطراب في إشارات الدماغ كما أنت متخوّف من ذلك، فاطمئنّ من هذه الناحية.

لكن تجنُّب السهر نعتبره نقطة مركزيّة وجوهرية من أجل الاستقرار الجسدي والاستقرار النفسي، يحدث ترميمًا كاملاً إن شاء الله تعالى في كل المحتويات التكوينية للجسد وللنفس.

ممارسة الرياضة أيضًا تُجدد طاقات الإنسان النفسية والجسدية.

تحقير الفكر السلبي وما يُسمَّى بتغيير الذات – أخي الكريم – هذا حقيقة مفهوم لا يُحسن الكثير من الناس استدراكه – مع الاحترام والتقدير لكل أحدٍ -.

أنت مطالب أن تفهم نفسك، وأن تقبل نفسك، وأن تسعى لتطويرها، فهم النفس يعني أن أعرف مصادر قوة النفس ومصادر ضعفها، وحتى هذا أيضًا ينطبق على الجسد.

وبعد ذلك فإن الإنسان ينطلق ويطوّر نفسه اجتماعيًّا ومعرفيًّا ودراسيًّا، وأن تضع أهدافاً، وإن عدم وضوح الرؤيا حول الأهداف في الحياة يؤدي إلى تدهور مريع في الصحة النفسية، ويؤدي إلى الاكتئاب، وإلى الوسوسة، وإلى المخاوف، لكن الإنسان إذا كانت لديه أهداف واضحة، ووضع الآليات التي توصله إلى أهدافه، وطبعًا الأهداف لابد أن تكون واقعيةً، ينتجُ عن هذا كله ارتقاء كبير في الصحة النفسية.

أنصحك برياضة الجري، فهي رياضة مفيدة جدًّا، أو رياضة المشي، أيضًا مفيدة، تجنّب النوم النهاري، تجنب السهر، لا تنام وقت النهار، لا تُكثر من شُرب الشاي والقهوة، اجعل غذائك غذاءً متوازنًا، احرص على الصلوات في وقتها، ومع الجماعة، اخرجْ مع أصدقائك، ورفّهْ عن نفسك بما هو طيب وجميل، كنْ دائماً بارًّا بوالديك، هذا أيضًا من بواعث الطمأنينة في النفس، ممَّا يرتقي بالصحة النفسية.

هذه – يا أخي – الإرشادات التي أودُّ أن أوجّها لك، وإن شاء الله تنتهج هذا المنهج الحياة الإيجابي؛ ممّا يُؤدي إلى التعافي الكامل إن شاء الله تعالى.

الأدوية: أنت أصلاً لا حاجة لك بها كثيرًا، لكن تحوّطًا إذا لم تتحسّن على المستوى الذي تريده؛ يمكنك أن تتناول عقار (فافرين) والذي يُسمَّى علميًا (فلوفوكسامين)، دواء بسيط جدًّا، سليم جدًّا، ليس فيه أي مضار أبداً، لا يُؤثّر أبدًا على الذكورية، دواء سليم جدًّا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة بسيطة، وهي: أن تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها مائة لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً