الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع الزواج، فكيف أعف نفسي عن الحرام؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا شيخ أنا شاب من شمال سوريا، ونحن نعاني من حالة معيشية سيئة، من قلة فرص العمل، وقلة الأجور، وغلاء المعيشة، وعدم القدرة على إكمال الدراسة بسبب التكاليف العالية.

ويا شيخ أنا شاب قد اشتدت علي شهوتي ولم أعد أستطع التحمل، وأريد أن أتزوج، ولكن ليس لدي القدرة المادية، فأنا من عائلة فقيرة، وأريد حلاً؛ لأني لم أعد أستطع الصبر على شهوتي أكثر من هذا، ويا شيخ أنا شخص ملتزم دينياً، مقيم للصلاة، وأعرف ديني، ولكنني لا أستطيع تحمل شهوتي، ولا أريد أن أقع في الزنا!

ويا شيخ لا تقل لي عليك بالتحلي بالصبر، والتقوى، والصيام، والابتعاد عن المثيرات، وهذه الأشياء، فإن صبري قد نفد، وأريد حلاً نافعاً لمشكلتي.

أرجوك يا شيخ، والله أعرف أشخاصاً من عمري لا يعرفون الصلاة، ويسبون الله -عز وجل- وقد وفقهم الله وتزوجوا، وأنا لا أعلم لماذا لا يوفقني الله لأتزوج وأقضي شهوتي بالحلال!

أصبحت أفكر بالانتحار من شدة الضيق الذي وصلت إليه، أرجوك يا شيخ أعطني حلاً ينفعني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن تكون بخير وعافية، وأن ييسر الله لك العسير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك وآخرتك.

أخي الكريم: إننا نحمد الله إليك تدينك، ونسأل الله أن يثبتك على الحق، لكن هناك بعض النقاط لا بد من وضع الحروف عليها:

1- لا ينبغي أن نقول أنا متدين ولم أتزوج، وغيري غير متدين وتزوج، لأنه قد يرد عليك، وهناك متدين وتزوج، وغيره متدين ولم يتزوج، فهذه النظرة -أخي- قاصرة، لا التدين وحده جالب للزواج، ولا عدم التدين وحده مانع منه، بل الزواج له أسبابه العملية وفق السنن الكونية، ولك أن تتصور طالباً أتاك يقول لك لقد رسبت في الامتحان مع أني أصلي الصلوات الخمس في المسجد، وجاري الذي لا يصلي كان الأول على دفعته؟ بم تجيبه يا أخي؟ ستقول له: إن الله لا يحابي أحداً لأجل تدينه، من اجتهد وذاكر ينجح، ولو كان غير مسلم، ومن لم يذاكر يفشل، ولو كان في محراب الصلاة، ثم تأتي الآخرة لترفع من صلى وعبد ربه في أعالي الدرجات، ومن نافق وعصى ربه ومات على ذلك في الدرك الأسفل من النار.

2- أنت -أخي- في بداية العشرين من عمرك، وهي بداية المراهقة التي يمر فيها كل إنسان، وهي الفترة التي يبني الإنسان فيها مستقبله، ويؤسس لحياته، فلا تضع العربة قبل الحصان ثم تقول: أوجدوا لي الحل؟

الحل -أخي- واضح، ومهما ابتغيت الحل في غيره أتعبت نفسك، وابتعدت عن طريق الهدى، وإذا كنت تتحدث اليوم بهذا اللسان الذي يفكر في الانتحار فبم يتحدث من جاوز الأربعين ولم يتزوج؟

فلا تضيق واسعاً -أخي الكريم-.

3- الشهوة إن طاوعتها أضرتك وإن واجهتها أراحتك، وهذا قانون الشهوة فاحفظه عنا، نحن من نثير شهوتنا ومن نهدئ منها، والعاقل لا يثير نفسه قبل أن يستعد، العاقل يأخذ كلام حبيبه -صلى الله عليه وسلم- لأنه الوحي ولأنه لا ينطق عن الهوى، وقد قال الجواب بجلاء ووضوح: (ومن لم يستطع فعليه بالصيام)، والصيام هنا وسيلة من وسائل مواجهة الشهوة حتى يعمل ويجتهد ويكون نفسه ثم يتزوج.

4- اعلم -بارك الله فيك- أن من التزم الهدي النبوي أعانه الله تعالى، ونعني بالهدي النبوي الجد والاجتهاد في العمل لأجل الزواج مع مواجهة الشهوة حتى لا تستقوي عليه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: .... والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ).

5- ننصحك -أخي- بما يلي:
- البحث عن عمل أياً كان العمل، وإيجاد النية أنك تفعل ذلك طلباً للعفاف.
- مواجهة الشهوة: بالرياضة، الصيام، عدم وجود الفراغ، البعد عن المثيرات، تقوية الوازع الديني.
- البحث عن أسرة صالحة لا تهتم بالغلاء الفاحش، بل تريد الستر لبناتها.

وأخيراً: هذا -أخي- هو الطريق الوحيد للخروج الآمن من الامتحان الذي يتعرض له كل الشباب في مثل عمرك، فلست بدعاً منهم، وما تمر به يمرون به، لكن هناك من يفشل فتضيع دنياه ويخسر آخرته، وهناك من يتعب سنوات معدودة فيربح دنياه وينجو في آخرته، والخيار بعد ذلك لك.

نسأل الله أن يبصرك الحق وأن يعينك عليه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً