الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالندم على تركي لعملي الثابت مع والدي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قدمت استقالتي من العمل في شركة والدي، أمضيت فيها عشر سنوات، بسبب كثرة الضغوط في العمل، وبسبب أنني كنت أريد التفرغ لعمل شخصي له علاقة بالربح من الإنترنت كان يعود علي بأرباح في البداية، لكنه وبعد استقالتي بشهر واحد، لم يعد مربحًا، بل وأصبح معدومًا، وقد ندمت ندمًا شديدًا، لم أستطع التوقف من الحسرة؛ لأنني فقدت عملي الثابت في الشركة، وأنا متزوج ولي ولد، وفرصي في إيجاد عمل ضئيلة جدًا بحكم أن سني 38، أنا أصلي والحمد لله، وأدعو الله دائمًا أن يرزقني عملاً، لكنني حاليًا أتألم كثيرًا على ما فعلت، وأرجو منكم أن تنصحوني وتعينوني بالدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نسأل الله تعالى أن يفتح لك أبواب الرزق، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله عمن سواه، وأول ما ننصحك به أيها الحبيب اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة الاستغفار، فقد قال سبحانه وتعالى على لسان نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).

والاستقامة على الدين أيها الحبيب مفتاح الأرزاق العاجلة والآجلة، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَأَلَّوِ ٱسْتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَٰهُم مَّآءً غَدَقًا). وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

فحسن علاقتك بالله تعالى بأداء الفرائض واجتناب المحرمات، وأكثر من ذكره واستغفاره، وتب إلى الله تعالى من ذنوبك، فإن التوبة تمحو الذنوب، والذنوب هي الحائلة بين الإنسان وبين رزقه، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

ونرى أيها الحبيب أن رجوعك إلى عملك مع والدك هو الحل الأمثل، وهو مع كونه حلاً مناسباً سهلاً يسيرًا بإذن الله تعالى، فوالدك مهما كان جاداً في عمله، فإنه لا يزال أباً، والأب جبله الله سبحانه وتعالى على الرحمة بولده، فإذا أحسنت عرض مشكلتك على والدك، وبينت له الأسباب التي دفعتك إلى الاستقالة، وأنك كنت ترجو عملاً آخر هو أكثر ربحاً، وأظهرت له من عزمك على الجد والمثابرة في عملك، والقيام به على الوجه المطلوب إذا أحسنت عرض حالك بهذه الطريقة، فظننا أن والدك سيلين قلبه لك ويخضع جانبه.

ونوصيك بالاستعانة بالله تعالى بدعائه، ثم الاستعانة بالمخلوقين الذين لهم كلمة مسموعة لدى والدك من الأقارب والأصدقاء، فإذا فعلت ذلك، فظننا أن الله سبحانه وتعالى سييسر لك الرجوع إلى عملك مع والدك، ولكن على كل حال وتقدير نصيحتنا لك: أن تأخذ بالأسباب المشروعة الممكنة، وتفوض أمورك إلى الله سبحانه وتعالى وتحسن الظن به، فإنه سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، فقد قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الأمور، وأن يقدر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً