الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت لا أثق بقدراتي، لا أعرف ماذا أصابني مؤخراً!

السؤال

السلام عليكم.

بدأت حالتي منذ عام ٢٠١٣م حين دخنت مخدر الحشيش في الولايات المتحدة، فحينها كانت تأتيني أفكار غير واقعية، مثلاً إن أبي وأمي ليسا والديّ الحقيقيين وما إلى ذلك، فكنت أفكر أفكاراً كثيرة بطريقة سلبية حتى أصبح عندي وسواس قهري، وتخلصت منه بفضل الله.

من ذلك الحين أصابني شعور أن الجميع يراقب تصرفاتي، ويحكم علي، ولكن في ذلك الوقت كانت ثقتي في نفسي عالية، فكنت أحسن التصرف، ولا أشعر بأي توتر حينما أشعر بأني مراقب.

تركت الحشيش بعد سنتين تقريبًا بعدما رأيت أضراره، ولم ولن أعود له أبدًا، درست الهندسة وتخرجت -ولله الحمد- من الأوائل، وتوظفت في شركة كبيرة.

بدأت تأتيني أفكار سلبية كبيرة جداً، ما زالت فكرة أن الجميع يراقبني تراودني، ولكن الآن أصبحت تؤثر عليّ بالسلب، فلم يعد لدي ثقة في نفسي كالسابق بسبب دخولي في علاقة من طرف واحد عام ٢٠١٦، وأحبطت جداً حينما اكتشفت أن الطرف الآخر لا يبادلني نفس الشعور، ولكن تخطيت هذه المشكلة، وتيقنت أنه خير لي، لكن المشكلة أني من بعدها ثقتي في نفسي أصبحت ضعيفة.

أصبحت لا أثق بقدراتي، وأشعر أن الجميع بالشركة أفضل مني، أصبت بملل كبير ولم أعد قادرًا على بذل أي مجهود.

لا أعلم هل هي عين أصابتني أم ماذا؟ لم أكن مصابًا برهاب اجتماعي، ولكن ذهبت لطبيب وصرف لي أدوية شعرت أني من بعدها بدأت أتوتر حينما أقابل أصدقائي وأفراد عائلتي، وحتى أخفف من حدة توتري أكون عدوانيًا في كثير من الأحيان.

أصبحت قلقًا جدًا في جميع الأوقات، وأتهرب من المهام الفردية، أشك في الجميع، ولا أثق بأي شخص.

أتمنى تساعدوني، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، رسالتك واضحة جداً -يا أخي الكريم- فأنت قد تناولت مخدر الحشيش في فترة تكوين حرجة، فترة التكوين البيولوجي والنفسي والسلوكي والعاطفي، ويعرف أن الحشيش بالرغم من تساهل الناس حوله أنه يؤثر ويؤدي إلى ضرر كبير خاصة لدى بعض الأشخاص، الحشيش -أيها الفاضل الكريم- يؤدي إلى أذى في منطقة معينة في الدماغ هي الفص الأمامي أو ما يعرف بالناصية.

والفص الأمامي هو البوليس المركزي للدماغ كما نحب أن نسميه، ومن خلاله يتحكم الإنسان في مشاعره وإرادته، ومن خلال هذا المركز الدماغي تتحدد الطموحات والخطط المستقبلية، لذا تجد أن الذين يتعاطون الحشيش خاصة فترة طويلة يفتقدون الطموح، ويأتيهم شعور بالدونية؛ لأن الفص الأمامي يكون قد ضرب ضربات قاسية.

أيها الفاضل الكريم: أنت الآن الحمد لله قد تخلصت من هذا التعاطي، والشكوك والظنانيات التي تنتابك، وقد بدأت معك في وقت التعاطي للحشيش، هي ظاهرة معروفة جداً، الذهان الحشيشي تشخيص معروف لدينا، ويتسم بالفعل بوجود أفكار اضطهادية ظنانية بارونية كما نسميها، وفي بعض الناس تكون خفيفة وبعضهم تكون شديدة، وأعتقد أن حالتك -إن شاء الله تعالى- خفيفة خاصة بعد التوقف عن التعاطي -وإن شاء الله تعالى- هذا يؤدي إلى تحسن تدرجي ويرجع الفص الأمامي في الدماغ إلى وضعه الطبيعي.

أنا أعتقد أنك محتاج لأن يكون لديك إعمال للفكر الإيجابي، حاول أن تحقر السلبيات على مستوى الفكر والشعور والأفعال، وأن تعضد وأن تقوي وأن تتمسك بالإيجابيات في هذه المحاور الثلاثة، نظم وقتك، حسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، وتجنب السهر هو من المتطلبات الرئيسية وكذلك ممارسة الرياضة، قراءة القرآن بتدبر وتمعن تحسن كثيراً من النهوض بالذات، وتؤدي إلى حسن التركيز والشعور الإيجابي حول النفس، لا تقس نفسك أبداً، بالمشاعر إنما قسها بالأفعال، فأنت -الحمد لله تعالى- لديك العمل، لديك المهنة، ولديك القدرة على المزيد من التطور.

أنا سوف أصف لك دواءً طيبًا وجيدًا ومهمًا في ذات الوقت، الدواء يعرف باسم رسبيريادون هو مضاد للشكوك والظنان، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة جداً، أريدك أن تتناوله بجرعة 1 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين ثم تجعلها 2 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم 1 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 1 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله، من أفضل الأدوية ومن أسلمها، خاصة مع هذه الجرعة الصغيرة، والدواء الثاني وهو محسن للمزاج، ومزيل للقلق والتوترات اسمه سيرترالين هذا هو اسمه العلمي، وله أسماء تجارية كثيرة منها الزوالفت ولسترال، والجرعة المطلوبة في حالتك أيضاً هي جرعة صغيرة الحبة تحتوي على 50 مليجراما من السيرترالين تبدأ بنصف حبة أي 25 مليجراما يومياً لمدة 10 أيام، ثم تجعلها 50 مليجراماً أي حبة واحدة يومياً لمدة 6 أشهر، وهذه ليست مدة طويلة بعد انقضاء 6 أشهر اجعل الجرعة نصف حبة أي 25 مليجراماً يومياً لمدة أسبوعين، ثم 25 مليجراماً يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السيرترالين.

كما ذكرت لك هذه هي الجرعة الصغرى؛ لأن الجرعة الكلية لهذا الدواء هي 4 حبات في اليوم، أي 200 مليجرام، لكنك لا تحتاج لأكثر من ذلك، وتناول السرترالين مع الرسبيريادون بهذه الجرعات الصغيرة -إن شاء الله تعالى- سوف يأتي بنتائج رائعة، التحسن الحقيقي يبدأ بعد شهر من تناول الدواء، وهذه أدوية غير إدمانية وقليلة الآثار الجانبية جداً.

أسأل الله أن ينفعك بها، وأرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية التي ذكرتها لك، وتتناول الدواء حسب ما هو موصوف، ومن جانبي أسأل الله لك العافية، مع أطيب الأمنيات بالعافية والصحة والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً