الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو السبيل الأمثل للتحكم في العصبية والانفعالات؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا بنت من سوريا، مخطوبة لشاب سوري منذ سنة تقريباً، هو بعمر ٤٠ سنة، وهو خارج البلد.

مشكلتي: أني حساسة وانفعالية، وأقل كلمة أو موقف ممكن أن أقيم عليه مشكلة، ودائماً أطلب من خطيبي أن يتفهمني، هو يستوعبني ويتفهمني لكن أنا في بعض الأحيان عند عصبيتي الزائدة وعدم قدرتي على التحكم بانفعالاتي أقول كلاماً يجعلني أشعر بندم شديد على قوله، أقوله ولا أقصده، فقط من باب أن أنفس عن غضبي.

حاولت بعدة طرق أن أخفف من غضبي، وأجلس وحيدة قليلاً، وأبتعد عن الهاتف، أنهي المكالمة فور إحساسي بالغضب، لكن هذا غير كاف؛ لأن مواقف قولي لكلام لا يجب قوله لخطيبي تكررت كثيراً.

أنا أخاف أن ينفر مني؛ لأني أحبه ويحبني، فقط لدي هذه المشكلة، ولا أعرف كيفية التخلص منها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: نقول لك: إن العصبية أو الشعور بالغضب سلوك انفعالي طبيعي، مثله مثل الانفعالات الأخرى، وليس عيبًا أن ينفعل الشخص وفقًا لطبيعة المواقف التي يواجهها، أو التي تحدث أمامه، ولكن العيب هو أن يترتّب على هذا الانفعال سلوك لا تُحمد عُقباه.

ثانيًا: ضبط الغضب أو العصبية يكون بالتدريب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العلم بالتعلُّم، والحلم بالتحلُّم)، فما قمت به من محاولات فهي لا شك خطوة من خطوات التخلُّص ممَّا تشتكين منه، وأوصانا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن إذا غضب أحدُنا فعليه أن يسكت، وأوصانا أيضًا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأوصانا أيضًا إذا كان الغاضب واقفًا أو قائمًا فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلَّا فليضطجع.

إذا استطاع المرء أن يفوّت الثواني الحرجة من الغضب التي تكون فيها الشحنات الغضبية عالية فربما يُساعد ذلك على إدارة الغضب بصورة جيدة، فمثلاً: أول ما يشعر الشخص بالعصبية عليه أن يسأل نفسه: هل هذا الحدث أو هل هذا الموقف أو هل هذا الكلام أغضبني؟ إذا كانت الإجابة: بنعم فيقول في نفسه: ما الدليل على ذلك؟ هل ظهرتْ أعراض الغضب الجسمية؟ مثل: الشعور بزيادة ضربات القلب، أو الشعور بتوتر العضلات، أو ملاحظة أن التنفُّس صار بسرعة، وأن الكلام صار مضطربًا، وقد يرتفع الصوت، وما إلى ذلك من الأعراض الجسمية.

هذا يعني أن الغضب قد اشتد وانتشر، فما عليه إلَّا أن يتذكّر الخطوة الثانية، وهي: أن يقول لذلك: (توقّف)، أي لا يستجيب وهو في هذه الحالة، أي لا يرد، ثم بعد ذلك يُفكّر في المواقف بصورة عقلانية، ويفكّر في ردة الفعل المناسبة، وإذا كان بإمكانه أن يُؤجّل أو يتوقّف عن الرد الذي يجرُّ إلى المخاطر فبها ونعمت، وعليه أيضًا بمجرد أن يشعر بعلامات الغضب أن يستمر في عمليات التنفُّس العميق، أي يأخذ نفسًا عميقًا، ثم يرجعه، ثم مرة ومرة ومرة، فإذا سكت الغضب نتوقّع أن تكون ردود الأفعال طيبة، ونتوقع أن تكون النتائج أيضًا طيبة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك إلى إدارة الغضب، واستعيني دائمًا بالاستعاذة، واستعيني بالوضوء في لحظات الغضب الشديدة أيضًا، فإن ذلك سيساعدك إن شاء الله تعالى في إدارة هذه العصبية بصورة جيدة.

كما نحب أن ننبهك إلى أن الخاطب هو رجل أجنبي عن المرأة حتى يعقد عليها؛ وبالتالي لا يجوز أن يقع بينهما ما يقع بين الأزواج من أمور، والذي يباح بينهما من مجرد الكلام يكون وفق الضوابط الشرعية من عدم الخضوع بالقول ونحوه، كما لا يجوز الخلوة به، ولا الخروج معه من غير محرم ولغير حاجة، فعليك بالحذر التام من التساهل في مثل هذه الأمور التي تساهل فيها بعض الناس اليوم، وقد تجر على المرأة بعد ذلك ما لا تحمد عقباه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً