الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أؤجل دراستي إلى أن يتعلم أولادي ويكبروا أم ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أم لثلاثة أطفال أعمارهم ست سنوات، وخمس سنوات، وثلاث سنوات ونصف، عندي شغف للعلم شديد، ولكن زوجي يرفض ويقول لي: أولادنا أهم من التعلم؛ لأنه يعد أعمارهم ذهبية لهم لننقش فيها خصوصًا أننا نريد أن ننشئهم نشأة إسلامية، عرضت معلمة القرآن عليّ أن أكون مدرسة قرآن متطوعة، ولكن يجب أن آخذ دورة للتدريب، وأنا أعرف أنني إذا درست حتى في دوام ساعتين سوف أقصر مع أولادي وبيتي؛ لأنني أنا معلمة الروضة لهم في البيت، وهذا يتطلب جهدًا ووقتًا كبيرًا.

وبحكم الأوضاع بسوريا فلا يوجد تعليم، فأخذت دور المعلم، وبنفس الوقت لا أريد أن أترك نفسي بدون علم، أريد أن أعرّف أولادي وبيتي أهم الأولويات من تعليم القرآن لما فيه أجر عظيم، وأنا أتعلم القرآن، لكن قصرت أيضًا مع أولادي، فقررت أني أقلص عدد مرات ذهابي للجامع بحيث يكون يومين في الأسبوع.

وبالنسبة لي هل أؤجل دراسة الشيء الذي أحبه إلى أن يكبر أولادي ويعتمدون على أنفسهم ويشتد عودهم أم لا؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك علوَّ همَّتك، وشرف نفسك بحيث تضعين لنفسك كل هذه الأهداف الكبيرة الجميلة، فكلُّ أهدافك أهداف يُعظِّمُها الإسلام ويحثّ على تحصيلها، وتربية الأولاد تربية إسلامية وتنشئتهم تنشأة صحيحة عملٌ جليل، وهو نفعٌ يتعدّى للغير، وينتفع به الأبناء والبنات، وينتفع به الوالدان، وينتفع به المجتمع المُحيط بهؤلاء الأولاد، وينتفع بهم دينهم وأُمتهم، فهذا عملٌ جليل ولا شك فيه ولا ريب، وتعلُّمك للعلم الشرعي أيضًا وتعلُّم القرآن الكريم هدفٌ نبيل.

ونحن نرى – أيتها البنت العزيزة – أن الجمع بين تحقيق هذه الأهداف أمرٌ ممكن، وليس عسيرًا، ولا شاقًّا، فضلاً عن أن يكون أمرًا مستحيلاً، ننصحك بأن تأخذي الأمر بيسر وسهولة دون تشنُّج، وأن ترتّبي أوقاتك، فإن ترتيب الأوقات يعود بالبركة بلا شك في استغلالها وحُسن إدارتها، فإذا ملأت أوقاتك بالنافع وعملت بوصية النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) فإنك ستجدين نفسك بإذن الله تعالى تحققين كل أهدافك.

فلا تبالغي في الاهتمام بالتعلُّم، سواء للقرآن أو غيره على حساب الوظائف الأخرى التي ينبغي أن تحرصي عليها، كالقيام بحقوق الأولاد وتعليمهم وتنشئتهم تنشئة صحيحة، أو القيام بحقوق الزوج، فكل هذه الوظائف تتكامل ولا تتصادم.

احرصي على ترتيب الأوقات، واجعلي لكل هدفٍ من أهدافك جزءًا ولو يسيرًا من وقتك خلال اليوم والليلة، والتعلُّم يمكن أن يحصل وأنت في البيت، فالإنترنت مملوء بالمواد النافعة، أمَّا تعلُّم القرآن فأمره مشهور معروف، وأمَّا الدروس العلمية لتعلُّم أحكام العبادات ونحوها فكذلك المواقع العلمية كثيرة جدًّا، كموقعنا هذا، موقع الشبكة الإسلامية (إسلام ويب)، وكذلك موقع العلماء الأفاضل المشتهرين المعروفين، كموقع العلَّامة ابن عثيمين، ستجدين من المواد الشرعية العلمية ما يفيدك، فإذا سمعت ولو جزءًا يسيرًا خلال اليوم والليلة، ربع ساعة في تعلُّم أحكام العبادات، وربع ساعة أخرى في تعلُّم القرآن الكريم وكيفية تجويده وأدائه، فمع الاستمرار والدوام ستجدين نفسك بأنك تحصّلين علمًا كثيرًا في أزمنة قصيرة بإذن الله تعالى.

لا داعي لأن تُكثري الخروج من البيت، إذا كان هذا الخروج سيؤثر على تربية أولادك أو حقوق زوجك.

هذه نصيحتُنا – أيتها البنت العزيزة – ونحن على ثقة تامَّة من أنك إذا أحسنت ترتيب الأوقات ووزّعت الاهتمامات فإنك ستستطيعين تحصيل كل هذه المنافع بيُسْرٍ وسهولة، وينبغي أن تُقدّمي بلا شك الاهتمام بأولادك بعد أن تكوني قد حصّلت العلم الواجب عليك، العلم الواجب هو تعلُّم العبادات الواجبة عليك، وهذا أمرُهُ يسير، ومقداره قليل.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً