الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة بين مواصلة الدراسة في الخارج وبين انتظار الزواج

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عزباء، وبعمر ٢٤ عاماً، تخرجت من كلية الطب، كطبيبة عامة، وأطمح للاختصاص في بريطانيا، والكثير ممن حولي يكثرون القول: بأني إذا ذهبت إلى الغربة فلن أرتبط وأتزوج، وسأبقى لوحدي بقية عمري!

عندما أخبرهم بأن الزواج رزق، وأني إن كان قد كتب لي الزواج على عمر ال٢٨ حتى لو بقيت في بلدي فلن أتزوج قبل ذلك، فيقولون لي: إني بذهابي للخارج أترك الأخذ بالأسباب.

هل إن ذهبت وتخصصت بالخارج حقاً أكون قد تركت الأخذ بأسباب الزواج والاستقرار؟ وهل يجدر بي التضحية بمستقبل مهني قد يكون واعداً مقابل المراهنة على البقاء للزواج، ومن الممكن أن الله لم يكتبه لي؟ كما أنني مواظبة على أداء صلاة الاستخارة، فهل تجيب الاستخارة علي بهذا الموضوع؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فنجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: إننا نحمد الله إليك تدينك، وهذا هو الغاية التي يعيش الإنسان لها وبها، فما الفوز إذا خسر الإنسان الآخرة؟! وما الخسارة إذا ربح الإنسان مرضاة الله عز وجل؟! لذا اجعلي أختنا مرضاة الله هي غايتك تسعدي في دنياك وآخرتك.

ثانياً: سفر الفتاة للتعلم في بلاد غير المسلمين يشترط له شرطان:
- وجود الحاجة الماسة إليه مع عدم وجود بدائل متاحة.
- أن يراعى فيه التقيد بالضوابط الشرعية.

إذا كان تخصصك يحتاج إلى هذا الفن من العلوم، وحاجة أمتك تدفعك لذلك وليس هناك بديل في بلدك أو بلد مسلم، ولا يصلح أن يكون عن طريق التعلم عن بعد؛ فإنه يجوز بشرط أمن الفتنة، وأن يكون معك محرم من أهلك.

وقد أفتى طائفة من أهل العلم في هذه المسألة فقالوا: إذا كان معها محرم في سفرها لتعلم الطب، أو لتعليمه، جاز، وإذا لم يكن معها في سفرها لذلك زوج أو محرم كان حراماً، ولو كان السفر بالطائرة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) متفق على صحته.

والبعض رأى أن الإقامة في هذه البلاد بغرض التعلم جائز بشرط أمن الفتنة ووجود محرم، أو رفقة مأمونة، فقالوا: (إذا كانت إقامتها بدون محرم مع جماعة مأمونة من النساء من أجل تعلم الطب أو تعليمه جاز، ولكن إن خشيت الفتنة من عدم وجود زوج أو محرم معها في غربتها لم يجز).

ثالثاً: الزواج كما أسلفت -أختنا- هو رزق مقدر ومكتوب، ولكن الأخذ بالأسباب مطلوب شرعاً، والإنسان لا يعلم الخير أين، فإن كانت هناك إرهاصات ما لتقدم أحد الصالحين لك فإننا نود التريث، وأن تسافري معه للتعلم خير لك من السفر بدونه.

- مسألة السفر هل هو معيق أم لا للمرأة من الزواج؟ هذا يخضع للأعراف، ولاعتبارات متعددة من السن والتدين، وغير ذلك فلا نستطيع نحن حسمه، لكن أكثر من يفتيك فيه هم أهلك لا محالة.

- الاستخارة بالطبع نافعة في هذه وفي غيرها، وفائدة الاستخارة أنها لن تسلمك إلا إلى الخير، وعليه فاطمئني، فإن كنت قد استخرت الله، فاتركي الأمر عليه، فإن تم السفر فهو الخير، وإن لم يتم فهو الخير، ولا يشترط للاستخارة رؤيا أو انشراح صدر كما يتوهم البعض.

نسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يرزقك خير الأمرين، وأن يصرف عنك شرهما إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً