الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الصلاة جعلني أترك الصلاة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري ١٧ سنةً، كنت أدرس جيداً، ومداومة على صلاتي، وكنت مرتاحةً نفسياً، ولكن في آخر سنتين أصبحت أعاني كثيراً من عدم التركيز، وعدم الفهم، وعدم القدرة على إنجاز شيء.

بالإضافة إلى أنني لم أعد أستطيع الصلاة، وأصبحت أنسى هل صليت ركعتين أم واحدةً؟ هل أكملت السورة أم لا؟ هل سجدت أم لا؟

وأصبح لدي وسواس قهري مرعب، جعلني أكره الصلاة -أستغفر الله-؛ لأنني أصبحت أقضي يومي أعيد الوضوء والصلاة، ولهذا أرهق نفسيًا، ولا أستطيع الدراسة، ولا فعل أي شيء آخر؛ لأني أكون مرهقة ً ومتعبةً، فأكره نفسي، وابتعدت عن الله، وأصبح تفكيري سوداوياً، وأقضي يومي في أحلام اليقظة مع الشخصيات التي أنا صنعتها في مخيلتي؛ لأنني لا أرتاح إلا وأنا أتحدث مع تلك الشخصيات غير الموجودة.

أرجو منكم أن تنصحوني، فأنا لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي، كما أن عائلتي لا تفهمني ولا تحاول مساعدتي، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


نرحب بك -بُنيَّتي الكريمة- عبر إسلام ويب، ونشكرك على تواصلك معنا بهذا السؤال.

بُنيّتي الفاضلة: لا شك أنك تعانين من الوسواس القهري، أو ما نسميه بـ (الأفكار القهرية)، والتي يمكن أن تأخذ عدة أشكالٍ منها: الشكل المتعلِّق بالعبادة، كالصلاة، والوضوء، وعدد الركعات، وهل أكملت السورة، أو غير ذلك من هذه الأفكار القهرية.

بُنيّتي: لعلَّك تدركين الآن أن الأفكار القهرية أو الوساوس القهرية إنما هي مرضٌ نفسي كغيره من الاضطرابات النفسية -كالاكتئاب، والرّهاب، وغيرهما- له أسبابُه الطبيّة، وله أعراضُه، وله علاجاته، ونعم يمكن أن تُؤثّر هذه الأفكار القهرية على الإنسان، فإطالة الوقت في التفكير والوضوء، وإعادة الصلاة وغيرها، تؤدي إلى عرقلة برنامجه اليومي، وقد يُسبب عنده ضعف التركيز وعدم الإنجاز، وأيضًا لا يشعر بالراحة من صلاته وعبادته، مع أنه كان يُحبُّها.

بُنيُتي: أريد أن أطمئنك بأن ما تشعرين به ليس بسبب ضعف الإيمان -لا سمح الله-؛ لأن الأفكار القهرية المتعلقة بالدّين تُصيب الإنسان الشديد التديُّن، والذي يرغب جدًّا في أن يكون إلى الله أقرب.

فلا تستنتجي وتظنّي أنك بسبب هذه الأفكار القهرية أنك بعيدة عن الله سبحانه وتعالى، بل على العكس، لذلك علينا أن نأخذ بأسباب العلاج، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تداووا عباد الله، فإنه ما أنزل الله من داءٍ إلَّا وأنزل له دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله) والأمراض النفسية كالأمراض البدنية سواء بسواء.

بُنيّتي: من أصعب الأمور مع الشخص الذي يعاني من الوسواس القهري ألَّا تفهمه أسرتُه، أو لا يكونون مستعدّين للمساعدة.

ذكرتِ في سؤالك -بُنيّتي- أنك لا تستطيعين الذهاب لطبيب نفسي، لا أدري لماذا؟ ولكن في إسبانيا عندكم النظام التالي الذي سأذكره، والذي ربما يفتح لك بابًا للوصول إلى العلاج.

أولاً: ربما أن يكون الطبيب العام -طبيب الأسرة- في المركز الصحي القريب من سكناك، ليس بالضرورة أن يكون طبيبًا نفسيًّا، ففي أوروبا كثير من الأمراض النفسية -كالوسواس القهري- يُعالجُها الطبيب العام، بأن يصف لك أحد الأدوية، وإذا وجد صعوبةً فيمكنه أن يستشير الطبيب النفسي.

الطريقة الثانية -بُنيّتي- أن تتحدثي مع الأخصائية النفسية الموجودة في مدرستك؛ فلعلّها توجّهك، فأنا متأكدٌ أن عندها فكرةً جيدةً عن الوسواس القهري، والذي يُسمونه بالإنجليزية: (Obsessive Compulsive Disorder)، أو (OCD)، لا أدري ماذا يُسمونه بالإسبانية؟ ولكن يمكنك البحث عنها، وأن تتحدثي مع الأخصائية النفسية؛ لتُعينك في الخروج من هذه الحالة، وتعودي إلى الصلاة، ولتتابعي دراستك، لتكوني ليس فقط من الناجحات، وإنما -بإذن الله تعالى- من المتفوقات المتميزات.

نسأل الله لك العافية والسلامة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً