الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكنني العودة لزوجي شارب الخمر بعد الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد النصيحة في أقرب وقت؛ لأن بيتي اخترب، أنا امرأة متزوجة منذ سنة، خلال هذه المدة علمت أن زوجي يشرب الخمر وزير نساء، بعد شهر من زواجي، بعدها توقف عن العمل لأنني موظفة، وأصبح اتكاليًا، لا يحب الذهاب للعمل، ويريد المال مني بحجة شراء لوازم البيت، لكنني أشتري ما يكفينا كل أسبوع، وبمالي يذهب لشراء الخمر.

صبرت معه ولم أخبر أحدًا، فازدادت المشاكل بيننا كل فترة، وأصبحت لا أنعم بأي راحة في منزلي معه، وأصبحت لا أشعر بأنوثتي معه، لا يهتم بي ولا في أي شيء يخصني، كأنني عاملة أطبخ له وأنظف، وعلاقتنا باردة، وزوجي يقول لي كل مرة عودي إلى بيت أهلك بحكم قرب العمل من منزل أهلي، ومن منزلي أيضاً، لكنه يجبرني أحيانًا بإلحاحه المستمر للذهاب، حتى يأخذ راحته في شرب الخمر.

تعبت منه، وآخر مرة طلبت من والدي التكلم معه ونصحه، فتفاقمت الأمور، وطلب من أبي أن يأخذني معه بحجة أنه يكرهني، ويراني ظالمة، ويمثل بأنه مسحور -والعلم عند لله-، وأنا في بيت أهلي الآن منذ شهر، وبعث لي ورقة الطلاق، فهل أقبل الطلاق أم أعود له؟ عسى أن يصلحه الله ويندم.

علماً بأنه لا يظهر عليه الندم، ولا يحاول إصلاح العلاقة، فهل أنا آثمة عندما طلقني؟ علماً أنني صبرت معه وتحملت خيانته لي، وتحملت اعتدائه المتكرر عندما يكون سكرانًا؟ ضميري يؤنبني لأنني لا أريد خراب بيتي.

أرجو الرد في أقرب وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

قطعًا أنت لست آثمة، بل لقد أحسنت بصبرك وإحسانك له، ولكن نتمنّى أن يتخلى عن أُمِّ الخبائث، فإن الخمر هي أمّ الخبائث، وهي من أكبر الكبائر -عياذًا بالله تبارك وتعالى-، وعليه أرجو أن تكون العودة إذا أراد أن يعود مشروطة، بأن يتوب، ويترك هذا الذي يحدث منه، فإن الصبر عليه لن تكون نتائجه طيبة طالما هو مُصِرٌّ على الاستمرار على هذا الطريق، وحتى لو كان مسحورًا أو نحو ذلك فعليه أن يُعالج نفسه، ثم بعد ذلك تستأنفي حياتك معه بعد ذلك إذا أراد وأبدى الأسف والرغبة في أن يُكمل مشوار الحياة، ونسأل الله أن يُعينك على الصبر، وأن يعوضك خيرًا.

ونحب أن نؤكد أيضًا أن أمثال هؤلاء الأزواج ينبغي أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، فالذي يشرب الخمر عندما يجد امرأة تُنفق عليه؛ فإن أمواله ستذهب، ينبغي أن يعتاد الرجل على الإنفاق، وهذا نوع من التضيق على ذلك المنكر، أن يتحمّل مسؤوليته كزوج، وأن يتجنب كل ما يُغضب الله تبارك وتعالى.

وسعدنا لأنك راغبة في إصلاحه، فاجعلي هذا شرطًا للعودة، ونتمنَّى -بإذن الله تبارك وتعالى- أن يبحث عنك عندما يعود إلى صوابه، وسيشعر بقيمتك، ولكن في هذه المرحلة أعتقد أنك بحاجة إلى مقدار كبير من الصبر، حتى يبدأ هو في رحلة البحث عنك، فإذا بحث عنك فاطلبي منه أن يتوب، وأن يترك هذه الأشياء التي يقوم بها، وأن يتفق على أن يحترمك ويعطيك حقك كزوجة، إذا وُفّرتْ لك هذه الشروط فننصح بأن تعودي، أمَّا غير ذلك فلا ننصح بالاستعجال في العودة إليه مع الأوضاع التي تمت الإشارة إليها، ونكرر: لست آثمة، بل أنت مُحسنة بصبرك، ومَن قَبِلَك أن تختاري البُعد عن هذا الذي يضربك ويسكر ويعصي الله تبارك وتعالى بصنوف المعاصي والذنوب؛ ونبشّرُك بأن مَن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً