الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تائهة، وحزينة، ومحتارة في اختيار التخصص!

السؤال

السلام عليكم.

منذ أن أنهيت دراستي الثانوية، وأنا أشعر بتغير كبير في حياتي، شعرت بالحزن، وكنت أقول عندما أنهي دراستي سوف أتقرب إلى الله أكثر، لأني كنت منشغلة جداً، ولكن لم أفعل!

عندما جاء وقت اختيار تخصصي الجامعي، كنت تائهة، اخترت التمريض، ثم انسحبت وسجلت في تخصص نظم معلومات إدارية، والآن لا أشعر أني أحب التخصص، ولا أكرهه، أشعر بأني لست في المكان المناسب، وأشعر بالحزن والفراغ، وعندما أقول لنفسي بأن الحل هو التقرب إلى الله، لا أستطيع فعل ذلك، أحس بأني لا أرغب في فعل شيء، ولا التقرب إلى الله.

أمسك الكتاب لأدرس لامتحانات الجامعة فأشعر بالملل بعد دقائق، فأتركه، علماً أني كنت أدرس كثيراً في الثانوية، وحصلت على معدل عال في الفرع الأدبي.

أحب الموسيقى والغناء، ولكني لا أسمعها لأنها حرام، أشعر أني بحاجة لعزف البيانو، ليساعدني في تحسين نفسيتي، أحس أن مكاني هو الموسيقى والتمثيل، وهذه الأشياء، وما يقف بيني وبينها هو الحلال والحرام، لذلك لا أذهب إليها.

أشعر بعدم الراحة والحزن، ولا رغبة لي في القيام بأي شيء، أشعر أحيانًا بهبوط في قلبي، وهذا الشعور مزعج جداً، لا زلت محتارة حول تخصصي الجامعي، ولا أشعر بالانتماء لما أنا فيه بالوقت الحاضر، أحس بأني أنتمي لمكان آخر أفضل من ما أنا عليه الآن، قلت لنفسي أن بابتعادي عن ما يغضب الله، سيعوضني الله بخير منه، ولكني ما زلت لا أشعر بالتحسن، لا أعرف ماذا أفعل، وأي طريق يشعرني بالرضا والسعادة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

أولاً: الحمد لله أنك اجتزت المرحلة الثانوية بتفوّق، وأنك الآن في المرحلة الجامعية، وهذا توفيق من الله تعالى، ونسأله سبحانه وتعالى أن يختار لك ويثبتك على ما فيه الخير.

ثانيًا: ربما يكون هناك صراع داخلي أدَّى إلى ما تشعرين به الآن، من عدم استقرار نفسي، وعدم دافعية لعمل أي شيء، وإذا زال هذا الصراع -إن شاء الله- ستستقر حالتك، وترجعين إلى وضعك الطبيعي، فأنت صاحبة نوايا حسنة، ولديك رغبة في التقرُّب إلى الله تعالى، وهذا بالتأكيد شيء جميل، ولكن هناك مقاومة داخلية ربما يكون سببها هوى النفس والشيطان، اللذان يصدّانك عن هذا الهدف السامي، وهو القرُّب إلى الله.

فالأمر يحتاج منك لمجاهدة وعزيمة وإصرار، ويمكنك أن تبدئي بأقل شيء في استطاعتك عمله بكل يُسر من فعل الطاعات، وذلك بعد تجنُّب المنكرات وأداء الواجبات المطلوبة منك، مثل الانتظام في الصلوات، وبرّ وطاعة الوالدين، ثم التدرُّج قليلاً قليلًا في فعل النوافل، كما جاء في الحديث القدسي الشريف، الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) [رواه البخاري].

ثالثًا: بالنسبة لاختيار التخصص الجامعي؛ فلا بد أن يُراع فيه الآتي:
- الرغبة أولاً، أي أن تكون هناك رغبة في النفس بدراسة تخصص معيّن.
- القدرة ثانيًا، أي القدرة من الناحية العقلية والمادية أيضًا، بأن تكون لك القدرة على دراسة هذا التخصص.

- وكذلك الميول المهنية، أي أن الإنسان قد لا يكتشف ميوله المهنية في وقتٍ ما، ثم يكتشفها في وقتٍ آخر، أو ربما يكون لديه الاستعداد النفسي لممارسة مهنة معينة، وهذا بالطبع لا بد أن يكتشفه الإنسان قبل الولوج والدخول في التخصص المعني، وبذلك يكون قد اختار التخصص الذي يُناسب ميوله، وهذا شيء مهم.

- وكذلك فرص العمل المتاحة بالنسبة لأي تخصص.

- وكذلك طبيعة العمل الذي يتوافق مع ظروف الأسرة، والظروف الاجتماعية.

- وكذلك لا بد من الأخذ بعين الاعتبار استشارة ذوي الخبرة في المجال الذي تريدين دراسته، سواء كان في مجال التمريض، أو في مجال دراسات الكمبيوتر، وما يتعلق بذلك من نظم المعلومات وغيره.

- وأيضًا الأمر المهم وهو الاستخارة، أي صلاة استخارة المعروفة، بأن تستخيري الله سبحانه وتعالى، بأداء صلاة ركعتين ثم الدعاء المعروف؛ لأن الله تعالى هو أعلم لما فيه الخير لك في المستقبل.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً