الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أحب الشر وأكره الخير للخلق!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي: أنني كنت إنساناً أحب الخير للناس، وإن ظلمني أحد أرضى، ولكن تغيرت حالتي وأصبحت أحب الشر بشدة وأكره الخير، فمثلاً: عندما أرى قطة أقول في نفسي: لا أريد أن أطعمها لكي تموت!

أصبحت أحب الشر، عندما أرى الناس قتلى أضحك عليهم! شيخنا الكريم أنا غير راضٍ عن حالي أبداً، ماذا أفعل؟ لا أشعر بتأنيب الضمير أبداً، طعم الندم لا أعرفه، أصبحت مشاعري ميتة، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Amer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال الذي يدلُّ على أن فيك خيراً، ونسأل الله أن يهدينا وإياك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

حب الخير للغير من صفات المؤمن، والإنسان يؤجر على ذلك، والمؤمن عندما يرى نعم الله تنزل على خلقه يفرح، كما قال ابن عباس: (إني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح، وما لي به من سائمة) يعني ليس عنده أغنام أو مصلحة، (وإني لأسمع بالرجل يأتيه الخير فأفرح دون أن يُصيبني من ذلك الخير شيء)، هكذا نفس المؤمن، وهكذا ينبغي أن تكون، وأن تعود إلى وضعك الأول الجميل الذي كنت فيه تحب الخير للناس.

أمَّا حب الشر فنتمنّى أن تتخلص منه، وإذا كان لهذا التحوّل سبب فأرجو أن تذكر السبب؛ لأنه إذا عُرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بتوفيقٍ من ربِّنا إصلاح الخلل والعطب، فهل هناك سبب لهذا التحوّل الذي حدث؟ هل مثلاً: وجدت مَن يُكافئُ خيرك بالشر؟ وعند ذلك أيضًا المؤمن لا ينتظر الجزاء إلَّا من الله تبارك وتعالى، بل على الإنسان أن يعمل الخير والإحسان وينسى إحسانه، لا يُركّز كم مرة أحسن، كم مرة تصدّق، كم مرة عمل في هذا؛ لأن الإنسان إذا عمل لله تبارك وتعالى فهو يتحمّل كافّة النتائج، ولن يُبالي كافأه الناس أم لم يُكافئوه؛ لأنه يرغب فيما عند الله تبارك وتعالى.

إذا كان هذا التغيُّر له أسباب فأرجو إزالة الأسباب، وإذا لم يكن له أسباب فأرجو أن تعود إلى قِيَم الإسلام، وتذكّر حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الخير وعلى نفع الناس، وحرص الدعاة إلى الله على نفع الناس، وأن خير الناس أنفعهم للناس، بل الذين يحبون الخير على وجه الأرض من المسلمين أو غير المسمين هم خيار الناس، الذين يُوفقهم الله في الدنيا إذا كانوا غير مسلمين، ويوفقهم الله في الدنيا والآخرة إذا كانوا مسلمين، فإن مجرد النية الصالحة وسلامة الصدر والرغبة في الخير والفرح للخير ينزل على الناس؛ هذا مصدر أساسي في صُنع السعادة في النفوس ووجود الطمأنينة، وأيضًا ممَّا يجلب الخير، بل حتى الإنسان إذا كانت نيته خيراً كما قال الله: {إنْ يعلم الله في قلوبكم خيرًا يُؤتكم خيرًا}.

فعُد إلى ما كنت عليه من الصفات الجميلة، واستعن بالله تبارك وتعالى، واعلم أن ممَّا يُعينك على ذلك الدعاء، والتأسّي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقراءة سيرة السلف الذين أحبوا الخير للغير، وممارسة فعل الخير؛ لأن الإنسان يجد لذّة عندما يُساعد محتاجاً، وعندما يفعل الخير يجد لذّة، بخلاف الانقباض الذي حصل ويحصل لك عندما تحب الشر للناس.

فنسأل الله أن يُعينك على التخلص من هذا التغيُّر السالب، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، ونوصيك بأن تُكثر من الدعاء، وتسأل الله تبارك وتعالى أن يُطهّر قلبك من الشقاق والنفاق وسيئ الأخلاق، كما علَّمنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً