الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بأعراض نفسية وجسدية كثيرة مؤخرًا.. ما علاقتها ببعضها؟

السؤال

بعد ظروف مؤلمة حصلت مؤخرًا لي، بدأت أشعر بأعراض تتفاقم بي، كنت قد عانيت منها مسبقاً منذ قرابة عام، ولكن بشكل خفيف، وهي كالآتي: الألم في القدمين خصوصًا قاع القدم، وعدم المقدرة على الوقوف بشكل سليم، وإذا بقيت في وضعية الجلوس لفترة طويلة لا أستطيع الوقوف والمشي، وأشعر بألم في رجلي اليسرى إلى الركبة يصعب المشي عليها للحظات.

إضافة إلى ألم خلف الصدر، وصعوبة بالتنفس، خصوصا أثناء الاستحمام، أو عند بذل مجهود ولو خفيف، دائم الشعور بالنعاس والتعب، وأشعر أنني لا أتلقى المعلومات بالشكل الذي كنت عليه سابقاً.

في بعض الأحيان أعاني من النسيان وبشكل لحظي، وأعود لعمل الشيء، وأتذكر بأنني قد عملته فعلاً! (مثل نسيان ركعة أو نسيان قراءة سورة الفاتحة، وأتذكر بعد الإعادة بأنني بالفعل قد عملت).

لا أشعر بأن النوم يكفي، برغم اعتيادي على النوم من الساعة 9 أو 10 وحتى الساعة 6 صباحاً، وعند الاستيقاظ لا أستطيع المشي إلا بعد فترة، أو أمشي بصعوبة، وكأنني أعرج.

مقدرتي على المناقشة لوقت طويل بدأت أفقدها، وهذا من صميم عملي، أشعر بالنعاس، وتكرار الكلام يشعرني بالملل، وبالتالي النوم، وتشتت الأفكار في وقت النقاش.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ tad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كثيرًا ما يكون التعب النفسي مرتبطًا بالتعب الجسدي، والعكس صحيح، وأنا قرأتُ رسالتك بكل اهتمام، ونصيحتي لك هي أن تذهب إلى طبيب مختص في أمراض الأعصاب، وذلك من أجل أن يقوم بفحصك إكلينيكيًّا، ومن ثم يُجري لك بعض الفحوص الطبية التي قد تشمل صورة للدماغ.

هذا - يا أخي - لمجرد التأكُّد من وظائف الجهاز العصبي، وإن كنتُ لا أرى حالتك حالة عضوية، بمعنى وجود علّة جسدية حقيقية، لكن دائمًا شروط الطب المتقن والقائم على الدليل، تتطلب أن نجري مثل هذه الفحوصات في مثل حالتك، وحسب الأعراض التي ذكرتَها.

بعد التأكد من الجوانب العضوية - وإن شاء الله تعالى كلها تكون سليمة - أنا أرى أنه ربما لديك نوع من الاكتئاب النفسي غير المطابق، بمعنى أنه اكتئاب نفسي لكنه ليس بالصورة والأعراض الإكلينيكية المعروفة، وهذا في بعض الأحيان نسميه بالاكتئاب المطابق، أو الاكتئاب المُعادِل، أو الموازي للاكتئاب، كلها قد وردتْ في المصطلحات العلمية المعتمدة.

وهذه الحالات تُعالج طبعًا من خلال تناول أحد مضادات الاكتئاب، وأعتقد أن عقار (بروزاك prozac)، والذي يُسمَّى علميًا (فلوكسيتين Fluoxetine) سيكون دواءً مناسبًا، يُضاف إليه دواء آخر يعرف باسم (سلبيريد Sulpiride)، أو (دوجماتيل Dogmatil) كدواء مساعد.

وفي ذات الوقت لابد أن تُكثّف من التمارين الرياضية، لابد أن تحرص على تنظيم الوقت، وتتجنّب السهر، وتحرص على النوم الليلي فقط، وتجعل لنفسك مهامّ مُعيَّنة في أثناء اليوم، وتُنجزها كما هو مطلوب.

بهذه الكيفية - أخي الكريم - تستطيع أن تنظّم نومك، أن تنظّم نشاطك الجسدي، وقطعًا فعالية الدواء المضاد للاكتئاب سوف تُساعدك، وإن كان البناء الكيميائي للأدوية المضادة للاكتئاب يتطلب وقتًا، على الأقل قد تحتاج لفترة زمنية لا تقل عن شهرين، لتتحصّل على الفائدة العلاجية.

إذًا أنا أرى أن حالتك هذه هي نوع من الاكتئاب الغير مطابق، لكن أيضًا لابد أن نتأكد من الجوانب العضوية، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية بواسطة طبيب الأعصاب.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً