الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع إساءات أمي بدون أن أغضبها؟

السؤال

السلام عليكم.

أجد صعوبةً بالغةً في إرضاء أمي بالرغم من أني أفوت الكثير لأجل إرضائها عني، ويعلم الله أني بنت بارة بها جداً، وأدعو كثيراً في صلاتي بأن تكون راضيةً عني.

منذ صغري وأنا أرى فيها بخلاً؛ فهي تحب المال حباً كثيراً، وعندما توظفت طلبت أن أعطيها نصف راتبي، ولم أرفض، مع أنها ليست بحاجة للمال، لأنها توفره ولا تستعمله، وعندما أحتاج منها مبلغاً -لأن راتبي لا يكفيني- ترفض وبشدة.

أما الأمر الثاني: فهي تعاملني بسوء وكأني طفلة، وكانت قبل ذلك تشتمني أمام الأهل إلى أن انكسرت شخصيتي، وأصبحت ضعيفة الشخصية، وبسبب ذلك أصبحت أعاني كثيراً حتى في مقر عملي، فأنا خجولة أمام الناس بسبب سوء المعاملة، فما الحل في التعامل مع أمي بدون أي إثم وذنب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي فيه رغبة في بر الوالدة، ونؤكد لك أن البر لا يتحقق إلا بالصبر على الوالدة، وإذا لم يصبر الإنسان على والده أو والدته فعلى من يكون الصبر!

لذلك ننصحك بالصبر على الوالدة، واعلمي أن الأموال التي تجمعها سيكون لك فيها نصيب، والمهم هو أن ترضي الوالدة طالما هي تحافظ على هذه الأموال.

ونحب أن نؤكد أن الشريعة فيها الثواب العظيم، والبشارات العظيمة لمن تصبر على أمها، ولمن تصبر على البر؛ لأن البر عبادة، والجنة مهرها غال، فاجتهدي في الصبر على الوالدة، ولا تقفي طويلاً أمام كلامها؛ لأنه إذا كان هذا من طبع الوالد أو طبع الوالدة أنه يسيء أو يوبخ؛ فالإنسان ينبغي أن يدرك أن هذا الكلام ما ينبغي أن يؤثر فيه سلباً، وينبغي أن تعرفي أنك -ولله الحمد- على خير كثير، والدليل هو هذه المشاعر النبيلة، وهذا السؤال هو كونك نجحت حتى أصبحت موظفة، بل -ولله الحمد- أنت تعطين والدتك نصف الراتب، وهذا كله دليل على أنك في خير وعلى خير، وعلى أنك قادرة على الصمود -بإذن الله-.

نحن بلا شك لا نؤيد الوالدة في الذي يحدث منها، لكن نريد أن نقول:

فما ينبغي أن تقابلي إساءة الوالدة بالإساءة، واتقي الله واصبري، وأبشري بالخير الذي عند الله تبارك وتعالى، واعلمي أن في آيات البر وفي ختام سورة الإسراء جاء قول الله: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلْأَوَّٰبِينَ غَفُورًا)، قال العلماء في الآية عزاء لمن تقوم بما عليها أو يقوم بما عليه، والوالدة غير راضية، والوالدة تؤذي، كل ذلك مزيد حسنات لك عند الله.

أما بخصوص إساءتها لك أمام الناس: فمرةً أخرى ندعوك إلى أن تتعاملي مع الوالدة بطريقة صحيحة، حتى ولو كانت الإساءة من الوالد أو الوالدة أمام الناس؛ فإن الإنسان قطعاً يتألم، لكن ينبغي أن يعطيها حجمها، لأن الإنسان يذل نفسه، ويصبر من أجل والديه؛ لما لهم من مقام رفيع عند الله تبارك وتعالى، والناس يعرفون إذا علموا أن الوالدة شديدة، أو تتجاوز، فإن قيمتك لا تتأثر، فثقي في نفسك، وتوكلي على الله، وأظهري ما عندك من خير وطاعة لله تبارك وتعالى، واعلمي أن نجاح الإنسان في عمله، ونجاح الإنسان في حياته هذا هو الذي يمنح الإنسان مزيداً من الثقة بعد إيمانه بالله، وتوكله على الله تبارك وتعالى.

إذاً نحن ندعوك إلى الدعاء للوالدة، والدعاء لنفسك، والصبر على الوالدة، وتجنب الأمور التي تزعج الوالدة، وإعطاء الوالدة ما تريده، والتفاني في خدمتها، والاجتهاد في إرضائها، وكذلك سد المنافذ والأبواب التي يمكن أن تجلب التوتر بينك وبين الوالدة.

أيضاً حسن الاستماع للوالدة؛ لأن الإنسان عليه أن يحسن الاستماع، ثم يفعل ما فيه المصلحة، وما فيه طاعة لله، بمعنى أننا لا نريد الجدال مع الوالدة، فالوالدة ليست زميلة، ولكننا نستمع ونحسن الاستماع إليها، ثم تفعلين بعد ذلك ما يرضي الله تبارك وتعالى، وما فيه المصلحة.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً