الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت إلى شاب عن طريق النت وتقبلته، فهل سينجح زواجنا؟

السؤال

السلام عليكم.

دخلت أحد مواقع الزواج الإسلامي، وعرفت شاباً جاداً في الزواج منذ شهرين تقريباً، ولم أتحدث معه إلا قليلاً في أمور جادة أو أشياء أريد معرفتها منه، عندما قرأ البيانات وعرف الصفات على حسابي رأى أنني تناسبت معه، وأنا قرأت بياناته ووجدته شخصاً عادياً يمكنني الزواج منه، وقد طلب رؤيتي فتبادلنا الصور.

وقد طلب رقم والدي، علماً بأنه خارج بلادنا وسيأتي لخطبتي في العيد، فقد رفض الانتظار للحديث العادي أو التعارف وهكذا، وقال: إنه يريد الخطبة أولاً، وهذا لأن أوضاع البلاد لدينا سيئة بسبب الحرب، ولن نستطيع إقامة زفاف أو زواج هنا، وأنا لا يمكنني الخروج من البلاد لأنني بلا جواز سفر.

هو جاد جداً ولا يتحدث في شيء غير أمور الزواج فهو همه الأكبر، ولكن المشكلة أن والدته متوفاة، وليس لديه إلا أخ وهو خارج البلاد، ووالده ليس في البلاد أيضاً أي أنهم متفرقون في الأرض، ولا يوجد أحد كي نسأله عنه هنا في منطقتنا أو جوارها، ولا أي مكان قريب.

أشعر أنني ذاهبة إلى المجهول، وخائفة من إيصاله للمنزل رغم حرصه على أن يأتي فيكون الشخص الخطأ لعدم معرفتي به فأنا مترددة! والعديد من الأشخاص قالوا لي: إن الزواج من أشخاص تم معرفتهم عن طريق الإنترنت محكوم عليه بالفشل فخفت، هل من الممكن أن يكون هو الشخص المناسب لي؟ فأنا محتارة هل إذا عرفت شخصاً عن طريق الإنترنت أيضاً ولكنه على معرفة بالأهل، هل سيكون أفضل منه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أخت في الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

لا يخفى عليك أن العلاقة الزوجية علاقة طويلة مستمرة، وأنها علاقة تحتاج إلى أن تؤسس على تقوى من الله ورضوان، والمعرفة من خلال الهاتف أو من خلال الإنترنت أو مواقع التواصل الأخرى، معرفة لا تعطي كل المؤشرات، إذ لا بد بعدها من الانتقال إلى التعرف الحقيقي والمعرفة الحقيقية، ومهما كان هذا الشاب فإن الوصول إلى أهله والوصول إلى بيئته، والتعرف إلى زملاء دراسته، والزملاء الذين يعملون معه حتى في متجره؛ هذه تعتبر من الأمور الأساسية.

ولا نستطيع أن نحكم بأن الزواج سيفشل أو سينجح، لكن عموماً نحن نقول هذه العلاقة لا تكفي، إذ لا بد من التعرف عن قرب إلى الشاب وأسرته وطبيعته، وهذا يتعرف عليه إنسان من خلال زملاء الدراسة، ويمكن أن يسأل من الذي درس معك، في أي منطقة كنت، أي المدارس درست؟ ولا مانع من هذا؛ لأن كل طرف من حقه أن يسأل حتى يتعرف، والشريعة تبيح لنا هذا بل تطالبنا بهذا، ودور محارمك كبير، ينبغي أن يبحثوا عن الشاب ويتعرفوا إليه، مع ضرورة أيضاً أن لا يكون في التواصل مخالفات، أنت تقولين هو جاد ويتحدث في أمور تتعلق بالزواج، لكن حتى الأمور المتعلقة بالزواج نحن نتمنى أن يكون الحديث فيها بعد أن يأتي البيوت من أبوابها.

ولا مانع من أن يأتي ليزور أهلك يتعرف إليهم؛ لأن هذا لا يعني نهاية المطاف، ولكن عندما يطرق الباب فإن الناس يجلسون معه ويتفاهمون، والرجال أعرف بالرجال، وبعد ذلك يستطيع أن يعطيهم معلومات تساعدهم على مزيد من التعرف عليه، إذاً نحن لا نؤيد إغلاق هذا الباب، ولا نؤيد التساهل في هذا الباب، فإذا كان قد عرفك ودخل للموقع وعرفتِ صفاته الأساسية؛ فلا بد من الانتقال إلى الخطوة العملية الثانية والأساسية والمهمة، مع ضرورة التوقف عن أي تجاوزات من خلال التواصل؛ لأن هذا ليس في مصلحة الطرفين، فقد يحصل بينكما تعلق ثم لا يتم الزواج، فيكون هذا مصدر عذاب وإتعاب للطرفين، نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وهذا ما نقوله لكل من يتعرف بهذه الطريقة، أرجو أن يغلق هذا الباب ثم تعودوا ليحصل التعارف الفعلي الطبيعي على الواقع، وإذا كان في ذلك البلد، ولا يستطيع أن يحضر فليرسل أعمامه أو عماته أو أخواله حتى تحصل المعرفة، لأن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، لكنه بين بيتين وبين أسرتين وبين قبيلتين، وسيكون هاهنا أعمام وعمات وفي الطرف الثاني أخوال وخالات، والشريعة تريد أن تؤسس بيوتنا على القبول التام، على الرضا التام، على النظرة الشرعية، على التوافق التام؛ لأن مشوار الحياة طويل، وهذه العلاقة سيكون فيها أبناء وبنات وأحفاد وأسر، فنسأل الله أن يعينك على حسن الاختيار، وإذا كان في الشاب خير نسأل الله أن يسهل لكم الأمر، وأن يجمع بينكم على الخير.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً