الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوافق مع زوجتي في ظل حرص كل منّا على رعاية أمه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رجل متزوج منذ سنة ونصف، ودون أولاد، حياتي أصبحت معقدةً لأسباب خارجة عن إرادتي.

لي أم في السبعين من عمرها، وتشكو من مجموعة من الأمراض، تعيش وحدها في مدينة قريبة جداً من المكان الذي أعيش فيه مع زوجتي.

الإشكال هو أنني لم أعد أتقبل بعدي عن أمي، وأريد العيش معها، والاعتناء بها، لكن زوجتي لا يمكنها المجيء معي؛ لأنها أيضاً تعتني بأمها المريضة، وبسبب غيابي لثلاثة أيام أسبوعياً عن زوجتي لأنني أكون عند أمي، أصبحنا نعيش مشاكل كبيرة جداً، والآن نحن نخطط للطلاق، بالإضافة إلى أن زوجتي مزاجية ولا تطيعني في أغلب الأمور.

أفتوني -بارك الله فيكم- هل أنا آثم إن طلقتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام والسؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ونحيّي حرصك على الوالدة، كذلك نحيي حرصها على والدتها، ونسأل الله أن يرزقكما برَّ الوالدين في حياتهما وبعد الممات.

لا يخفى عليك أن الطلاق لا يُفرح سوى عدوّنا الشيطان، ولا نؤيد الاستعجال بفكرة الطلاق، نتمنّى أن يحصل تفاهم، ليصبر كلٌ منكما على الآخر ريثما تنقضي الأيام التي يكتبها الله تبارك وتعالى، فنحن لا نملك أغلى من آبائنا وأمهاتنا، وخاصةً في آخر عمرهم.

وإن كان هناك مجال لتتواصل معنا الزوجة؛ فإنا سندعوها إلى أن تُقدّم طاعة الزوج، ونسأل الله أن يعينكم على إكمال هذا المشوار.

بلا شك -أكرر- رفضنا الاستعجال في مسألة الطلاق، لكن هذا حق شرعي مُتاح لك، ولها أيضًا في أن تحكم وتختار حياتها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الصبر وعلى بر الأمهات، وأن يجعل هذه الزوجة تتفهم الظرف الذي أنت فيه، ونسأل الله أن يرزقكم بر الوالدة، وأعتقد أن الحياة الزوجية تحتاج إلى تضحيات من الطرفين.

وكون الزوجة مزاجيّة ولا تطيع أغلب الأمور؛ هذا قد يكون له علاقة بهذا، وقد يكون له أيضًا علاقة بنمط شخصيتها، وفي كل الأحوال الشريعة تدعو إلى أن يصبر الإنسان على أهله: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر)، وبنات الناس مثل بناتنا، فلا تفعل ما لا ترضاه لنفسك، ولكن إذا تعسّرت الأمور، وأصبح الخيار صعبًا بالنسبة لك، فأنت صاحب القرار، وأولى الناس بالرجل أُمُّه.

نحن نؤكد على هذه المعاني، ولكن نريد أن نُبيِّن أيضًا أن الشريعة التي تدعوك لبرِّ الوالدة هي نفسها الشريعة التي تدعوك إلى الصبر على الزوجة والإحسان إليها، والإنسان في هذه الأمور ينبغي أن ينظر نظرةً شاملةً، وينظر إلى مآلات الأمور وعواقبها، والخسائر، والأرباح، والفرص المتاحة لك ولها، ثم بعد ذلك يتخذ القرار الصحيح، لأن القرار الصحيح هو الذي يُبنى على قواعد راسخة ودراسات عميقة.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً