الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو الله ويستجيب لي ثم أتردد بعد تحقق الإجابة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة -الحمد لله- أثق بالله وبقدرته، وبإجابته للدعاء، لكن يوجد شيء لا أفهمه! منذ سنوات كنت أدعو الله ليلاً ونهاراً، لكي يحقق لي الدعاء، وكان الدعاء مستحيلاً أن يتحقق، لكن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، ثم بعد شهرين من تحقيقه خفت، وتراجعت عنه.

لم أكمل بهذا الطريق، ومنذ سنة كنت أدعو الله بأن يجمعني بشخص بالجامعة لكي يتقدم لخطبتي، رغم أنه كان بمحافظة أخرى، ومتخرج، ولا يعرفني ولا يعرف اسمي، سبحان الله، الله استجاب وجمعني به بالقدر، وأظهر إعجابه لي دون أن أحرّك ساكناً له، لكن بعد فترة خفت وتراجعت عن الدعاء.

يوجد الكثير من الأمثلة، مثلاً أدعو بالله ببيت أو عمل، ثم الله يستجيب دعائي، وبعد فترة أنا التي تترك الدوام بهذا الأمر.

صرت أسأل نفسي وأستغفر الله، إذا كنت أقول كلاماً أغضب الله به، يارب لماذا تستجيب دعائي وأتعلق به لسنوات، ثم بعد فترة أنا أتراجع عنه، ويصيبني القلق منه بعد أن أراه في الواقع.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أختكم بالله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نهنئك بما يَمُنَّ الله تعالى به عليك من إجابة الدعاء وتحقيق ما تطلبينه منه سبحانه وتعالى، وهذا فضلٌ من الله تعالى ورحمة، ولطفٌ بك ليثبّت إيمانك أولاً، ورحمةٌ بك حيث يُسهّل لك ما تطلبين وتريدين.

اشكري نعمة الله تعالى، ومن الشكر - أيتها البنت العزيزة - أن تُبادري وتُسابقي إلى طاعة الله تعالى، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأن تُكثري من ذكره سبحانه وتعالى، وأن يبعثك هذا الإحسان الإلهي إلى أن تُحسني ظنّك بالله تعالى، وترضي بما يُقدّره لك ويختاره، فإذا اختار الله تعالى لك أمرًا ويسّره حتى تمَّ وكَمُل فهذا خيرٌ ساقه الله تعالى لك، وإذا اختار سبحانه وتعالى عدم إتمامه وإكماله فذاك هو الخير أيضًا.

فوضي الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، وخذي بالأسباب لما ترينه نافعًا وصالحًا لك في دينك ودنياك، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز)، فينبغي أن يكون الحرص والاجتهاد في تحصيل ما نراه نافعًا في دينٍ أو دنيا، ثم نرضى بعد ذلك باختيار الله تعالى وتدبيره، فما يُقدّره الله تعالى هو الخير، وقد قال سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

لا ينبغي أن يُصيبك أي قلق إذا لم يتم الأمر على ما تريدين، واعلمي أن الدعاء مقبول عند الله تعالى إذا أخذنا بأسباب الإجابة، ومنها: تجنُّب الحرام في المأكل والمشرب، والقيام بفرائض الله تعالى واجتناب نواهيه، ودعاء الله تعالى بصدق واضطرار، وتخيُّر الأوقات التي يعظُم فيها رجاء الإجابة، كالدعاء في السجود، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة.

قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ربِّنا سبحانه وتعالى فقال: (إن الله يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا)، فالله تعالى يُجيب الدعاء، ولكن هذه الإجابة لا تعني بالضرورة أن يُعطيك -أيها الإنسان- نفس الشيء الذي سألتَ، بل أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإجابة قد تكون بإعطائك ما سألت، وقد تكون بصرف أمور مكروهة عنك ما كنت تعرفينها، وقد تكون الإجابة بأن يدخّر الله تعالى لك ثواب هذه الدعوات ليوم القيامة، والله تعالى يختار لعبده ما هو أصلح له وأنفع.

ارضيْ بقضاء الله تعالى وقدره، وأحسني ظنّك بالله، وسيصلك بعون الله تعالى منه كلَّ خير.

نسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً