الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين أمي وزوجتي التي تسيء معاملتها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا حديث عهد بزواج، أعيش مع أمي وأبي، وهما كبيران في العمر، ومريضان، وأنا أرعاهما، علماً أني أصغر إخوتي.

تزوجت منذ عام ونصف، في البداية في الأشهر الثلاثة الأولى كانت الأمور جيدة، وبعدها بدأت زوجتي تشتكي من أمي، وبعد مدة بدأت المشاكل بيننا، زوجتي عصبية وعنيدة وغيورة كثيراً، وأصبحت تصرخ على أمي، ولا تتحدث معها حتى في وجودي، وحين أكلمها تتحدث عن أمي بسوء، تدخلت عائلتها، واتهموا أمي أنها السبب لأنها تعايرها.

زوجتي لا زالت تصرخ وتتشاجر وتتلفظ بألفاظ بذيئة، وكثيرة الشكوى، علماً عندما تهدأ نتفاهم على أشياء بخصوص عائلتي، لكن بعد مرور يوم أو يومين تفتعل مشكلة جديدة، كل هذا وأمي صابرة، وتطلب العون من الله، فماذا أفعل؟

جربت كل الحلول، حتى صرت أخشى أن أحدثها بالموضوع، لا أريد أن أطلقها، فأنا أحبها وتحبني، لكن لا توفر لي الراحة، فأنا لا أرتاح داخل البيت ولا خارجه، أريد حلاً يرضي كل الأطراف، علماً أني لن أترك أمي، ولا أريد زوجة لا تراعيها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة والإحسان إليها، وشرف خدمتها، كما نرجو أن يعينك على حسن التعامل مع الزوجة، ونسأل الله أن يهدي زوجتك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا يخفى على أمثالك من الفضلاء أن هذه المعادلة من المعادلات الصعبة في الحياة الأسرية، وهي مسألة الموازنة بين حب الأم والإحسان إليها، وبين حفظ حق الزوجة ورعايتها، ولا شك أن الأم مقدّمة، وينبغي لزوجتك أن تُدرك أن هذه أمٌّ كبيرة، وأنها صاحبة فضل، وأن إكرامها لوالدتك يزيدُ من احترامها، فعليها أن تجتهد في احترام الوالدة، والصبر على ما يصدر منها من تصرُّفات، كلُّنا يعرف كبار السِّن كيف يتصرفون وكيف يتكلمون، لكننا على يقين أن قلوبهم نقيّة وأنهم يريدون الخير، ولكن بعض الكلمات ربما تُزعج الشباب من الفتيان والفتيات.

وعليه أرجو أن تُبيّن لزوجتك هذا المعنى، وشجّعها، وارفع من معنوياتها، وبالغ في إكرامها كلَّما أظهرت الاحترام للوالدة، بل بيّن لها أن صبرها على الوالدة واحترامها لها، يرفع من قيمتها ويزيد من حُبِّها في نفسك، وهكذا ينبغي أن تُدرك بناتنا الذكيّات أن الطريق إلى قلب الولد البار يمرُّ عبر احترام أُمِّه والصبر عليها، ولا خير في شاب لا يكون بارًّا بوالديه، خاصة في سنوات الكبر والضعف.

واجتهد دائمًا في أن تُبعد نقاط الاحتكاك، إذا كان الاحتكاك في المطبخ حاول أن تُرتّب هذا، وإذا كان الاحتكاك في الصالة أو في مكان مُعيَّن، حاول دائمًا أن تُقلّل فرص الاحتكاك بينهما. ودائمًا أيضًا اجتهد في أن تتكلّم عند كل واحدة بالخير، فالمؤمن ينمي خيرًا ويقول خيرًا، فإذا سمعت كلمة جميلة عن زوجتك من الوالدة فانقلها، وإذا سمعت كلمات فيها إنصاف وجمال من زوجتك عن الوالدة فانقل إليها الكلام الجميل، وحاول أن تُصحح المفاهيم وتُزيل سوء التفاهم عندما يحدث بينهما، بل يمكنك أن تنقل الكلام الجميل حتى وإن لم يقولوه، فإن هذه من المواضع التي يجوز فيها ذلك (الإصلاح بين الناس).

وكذلك أيضًا أهل الزوجة لا ننصح بتدخُّلهم في المشكلات، لأن هذا يُلحق الضرر بالأسرة، وعلى كل حال: أنت مطالبٌ بالصبر، ومطالبٌ بالحكمة، عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، تذكّر أن الشريعة التي تأمرك ببر الوالدة والإحسان إليها، هي الشريعة التي تنهاك عن ظلم الزوجة، ونسأل الله أن يُعينكم على الصبر، ونعتقد أن الأسرة بحاجة لك إذا كانوا كبارًا في السنِّ وأنت الأصغر، والزوجة أيضًا اجتهد في أن تبذل لها وتُهيء لها مكاناً تجد فيه بعض الخصوصية.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الصبر، وأن يستخدمنا جميعًا فيما يُرضيه، وأن يُعينكم أيضًا على تفهم هذه الظروف والتدخُّلات التي تحدث بين الأهل، وننصح بأن تكون مشاكلكما محصورة، فلا تُدخلوا أي أطراف في مشاكلكما، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً