الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي غضبت علي بسبب تواصلي مع معلمتي لغرض أكاديمي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة مقعداً.

أنا عبد الرؤوف، عمري 15 ربيعاً، وحالياً في أول عام لي في الثانوية، العام الماضي وخلال دراستي، درستني أستاذة لغة عربية، لم يكن بيننا شيء في البداية، يعني كتلميذ نجيب، كنت من النجباء -والحمد لله- وهي أستاذة ليس إلا.

مع مرور الوقت تحسنت علاقتنا، وتوطدت، ثم انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فصرنا نتبادل المواضيع، سواء في جانب الدراسة أو غيره، وأحياناً تدخل في النشاطات اليومية، في إطار الاحترام والدين، ورقابة أمي.

أصبحت هذه المحادثات يومية، وأصبح لدي شغف وتطلع، ثم في إحدى المرات وفي نهاية العام المنصرم، أذكر أن والدتي قرأت رسالة كتبتها، للمعلمة ممازحاً، لا أذكر محتوى الرسالة إلا أنها لم تكن مخلة بالأدب والدين، فغضبت والدتي غضباً شديداً مني، وأعرضت عني وأنبتني، وظنت أني في علاقة غير شرعية مع أستاذتي، رغم أني كنت بعيداً كل البعد عن هذه الأمور.

تكلمَت مع الأستاذة وأنبتها واتهمتها أنها تحاول أن تضيعني.

بعد تلك الفترة أصبت بحالة اكتئاب، وحزن، وتأنيب ضمير، وسلبية كبيرة، خصوصاً أني اعتدت على الكتمان، واستمر الحال لمدة عام كامل، حتى رمضان، فرجعت إلى الله، وأدركت أن التعلق بالخالق خير وأحسن، بل لا يقارن بالتعلق مع الخلق، وتحسنت حالي، وارتسمت بسمتي على وجهي من جديد.

أخشى أن تتكرر هذه الظاهرة مجدداً مع أستاذة الرياضيات التي تدرسني العام هذا، فإني أرى -والله أعلم- أن التاريخ يعيد نفسه، ونفس ما حصل معي سابقاً أراه يتكرر.

علماً أني أحتاج التواصل معها لمواجهتي بعض الصعوبات، ورغبتي في تطوير نفسي في هذه المادة.

كما أنني بصدد اختيار الشعبة، فهناك شعبة تقربني من تحقيق هدفي، تقتضي تحويل الثانوية، والشعبة الأخرى توصلني لكن فيها مشقة وتعب وإعياء، إلا أنها لن تضطرني لتغيير الثانوية، ولهذا، أخاف أن يؤثر هذا الأمر على اختياري للشعبة.

فهل هذا تعلق؟ وما الحكم؟ وكيف يجب التعامل مع ذلك؟ وما هي الحلول المقترحة؟ فإني لا أريد العودة لما كنت عليه.

أحيطكم علماً بأني -والحمد لله- محافظ على صلاتي، وملتزم بورد، وأحفظ ما تيسر من القرآن، ليس من باب الرياء وإنما لتدقيق المعلومات قدر المستطاع، حتى تكون فتواكم بعون الله أدق ما يكون.

ننتظر منكم ما يثلج صدورنا، ويزيل حيرتنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرؤوف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونحن سعداء جداً بتواصل أمثالك من الأبناء الفضلاء، الذين أمامهم المستقبل الجميل، وننتظر منهم الخير الكثير مع موقعكم، وأنت هنا مع الآباء الكرام، ومع أيضاً مستشارات من المتخصصات، ونحن في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات والسداد.

أولاً: تشكر على هذه الاستشارة، وعلى حسن العرض لها، ونحيي خوفك من الوقوع في مضلات الفتن، ونشكر للوالدة أيضاً حرصها على أن تكون أنت في الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى، وإن كنا لا نرضى الطريقة التي تمت بها المعالجة.

أنت أيضاً أرجو ألا تتوقف طويلاً، فالوالدة كانت تريد مصلحتك وهي تشكر على ذلك، وأنت أيضاً تشكر على اتعاظك من ذلك الدرس، وارتباطك بالله، فإن هذا هو الدواء، إذا تعلق الإنسان بربه وأحب ربه فإنه سيحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي أرسله، والشرع الذي أنزله، وهذا هو موطن الفلاح، ونفوسنا غالية فينبغي أن لا نبذلها إلا فيما خلقت لأجله، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.

أما بالنسبة للمعلمة الجديدة للرياضيات فنحن أولاً ندعوك إلى البحث عن بديل من المدرسين من الرجال، فإن لم تجد ولم يكن ذلك ممكناً فليس أمامك إلا أن تكون العلاقة محدودة بحدودها الشرعية، لا تتجاوز الحدود التي ترضي الله تبارك وتعالى، وأيضاً ينبغي أن يكون الأمر واضحاً مع الوالدة، حتى تدرك أنك بحاجة للتواصل مع المعلمة، ومن الممكن أن يكون ذلك مكشوفاً بينكما، ونتمنى أيضاً أن تجعل الوالدة تتواصل مع الموقع، حتى نوصل لها أساليب التعامل في مثل هذه الأحوال.

نعينكم على اتخاذ الخطوات الصحيحة، ونسأل الله أن يرزقكم برها، وأعلم أنه دائماً مثل هذه العلاقات تحتاج منا إلى حرص، وتحتاج منا إلى مراقبة لله تبارك وتعالى، حتى لو كان الذي نتكلم معه أكبر لكن هو من الجنس الآخر، فالمسألة تحتاج إلى أن تضبط بضوابط الشرع، ونسأل الله أن يحقق لك الخير والمصلحة.

العلاج الناجع هو أن يستمر هذا الخوف من الله، هذا التعلق بالله، هذه المراقبة لله تبارك وتعالى، فإن فيها الشفاء بل فيها الخير، بل فيها الرفعة عند الله، ونبشرك بأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً، والمؤمن يجتهد دائماً في أن يبتعد عن مواطن الشبه، وأنت أعلم بنفسك فإذا رأيت انجرافاً وانحرافاً في المشاعر فمن الضروري أن تتوقف، حتى لو اضطررت إلى أن تغير التخصص، فدينك يأتي في المقام الأول، وهو أغلى وطاعة الله أعلى، نسأل الله أن يحفظك وأن يسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً