الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخدم والدي زوجي بإخلاص ولكنهم لا يقدرونني، فماذا أفعل؟

السؤال

أنا متزوجة منذ 9 سنوات، ولدي 3 أطفال، والحمد لله، ومنذ تزوجت وأنا أسكن مع عائلة زوجي، هم في الطابق الأول، وأنا في الطابق الثاني، كل يوم أنزل إليهم وأقوم بكل شؤون البيت بحكم أنني أعمل يومين فقط في الأسبوع، لكن ورغم كل هذا فهم لا يقدرون ذلك، وفي كل مرة تتهمني والدة زوجي أنني أتلفت المكواة، ومرة بأنني أتلفت الثلاجة، وإلى غير ذلك من التفاهات، وكل مرة أتجاوز كل النزاعات، لكن للصبر حدود، وهذه المرة قررت أن لا أرضي أحدًا على حساب صحتي، وعلى حساب أولادي، فأنا لم أعد أستطع تحمل كل الضغط الذي يفرضونه علي، فهم يريدون مني أن أكون مجرد خادمة للبيت لا أكثر، حتى أنهم عارضوا ذهابي إلى العمرة في رمضان الماضي، لمجرد أنهم يريدون أن أبقى لأساعد أمهم في تحضير الإفطار.

علمًا أن والدة زوجي بصحة جيدة، وليست كبيرة في السن، فهي في عمر 60، هذا أبسط مثال.

الآن قمت بالتسجيل في الدكتوراه، ولم يعد لدي الوقت الكافي، فأردت من زوجي أن أبقى في منزلي، وأحضر الأكل وأبعثه لأمه؛ لكنه رفض ذلك، ويريدني أن أنزل كل يوم عندهم، وهو لا يكلمني ومعارض لدراستي.

هل الذي طلبته حرام أم حلال؟ وهل دراستي بدون رضا زوجي حلال أم حرام؟ مع أنه قبل الزواج وعدني بالسماح لي بإكمال الدراسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يوفقك، ونشكر لك هذا التميز، وندعوك إلى الاستمرار على ما كنت عليه من الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك النجاح والفلاح، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك أن الهدوء الذي يعيشه الإنسان، والسعادة التي يمكن أن يفوز بها الإنسان، إذا تحمل من الناس وعاملهم بالتي هي أحسن، واجتهد في القيام بما عليه؛ فهذه سعادة لا تعدلها سعادة، ونسأل الله أن يعين زوجك على تفهم هذا الوضع الذي أنت فيه، وندعوك وأنت المتعلمة -ولله الحمد- أن تديري هذا الأمر بينك وبين زوجك بمنتهى الهدوء، فما بينكم من حياة وعلاقة وأطفال وميثاق غليظ أكبر من الخصام حول مثل هذه الأمور.

وإذا كان أهل الزوج يأتيك منهم الأذى، فلست أول من يأتيها الأذى، وعليك أن تستمري وتذكري ثواب الصبر، وما أعطي الإنسان بعد الإيمان عطاءً أوسع من الصبر، فالصبر نصف الإيمان.

وصبرك على هذه الأم الكبيرة في السن من الأمور التي ينبغي أن تهتمي بها؛ لأن الإنسان في هذه الحياة لا بد أن يعرف أن هناك صعوبات في التعامل مع الكثير من الأمهات في مثل الحالة المذكورة، ونحن نرجو من بناتنا العاقلات الفاضلات أن يتحملن ذلك لأجل مصلحة الأسرة، وتخفيفاً على الزوج، وندعوك إلى تشجيع الزوج ليتواصل معنا حتى نبين له أهمية الشعور بما تشعرين به، وتقدير ما تقومين به، وبالطبع لن نطالبه أن يشتد مع والدته، ولكن من المهم أن يتفهم الظروف الصعبة التي تعملين فيها.

وإذا كان الخلاف على مسألة النزول فأنت ستصنعين الطعام مشكورة على ذلك، ولكن الخلاف في أن يصنع الطعام عندك وينزل إليهم، أو تنزلي لتصنعي الطعام عندهم كما كنت، ونحن نريد أن تدركي أن تغيير الوضع الذي كنت مستمرة عليه دفعة واحدة سيجلب لك ولزوجك الأتعاب؛ لأن مثل هذه الأم لن ترضى بهذا وستفسر هذا بطرائق أخرى.

ولذلك أتمنى أن تستمري على ما كنت عليه بحسب الاستطاعة، ونحن لا نريد لمن كانت على الفضل والخير والخدمة والقيام بما عليها، وزيادة أن تنزل عن ذلك.

ومسألة الدراسة نظمي جدولك، واجعلي لها حظها ووقتها، واطلبي من زوجك أن يساعد برعاية الأطفال، بتخفيف بعض المهام عليك، وتعاملي معهم بمنتهى اللطف والهدوء، وإذا كان قد سمح لك بالدراسة فالمؤمنون على شروطهم، فعليه أن يلتزم بهذا الشرط، وأنت أيضاً سددي وقاربي واجتهدي في أن تجمعي بين الواجبات، وأن تقومي بما عليك، وهذا يحتاج منك إلى تنظيم للوقت بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه.

عموماً نحن لا نريد أن يكون هذا الخلاف سببًا لتأثير سلبي على الأسرة، ونحن لا نؤيد الزوج فيما ذهب إليه، ولكن نتمنى أن يتواصل معنا حتى نحاوره ونناقشه، ومع ذلك لا نريد من المتميزة مثلك أن تجعل هذا سبباً للخصام، وكون الزوج لا يكلمك هذا لا نؤيده، لكن أرجو أن تلطفي الجو بينك وبينه، ونقول هذا ليس لأنك مخطئة، ولكن لأنك تواصلت مع الموقع؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حال الخصام "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، فلا تفرطي في هذه الخيرية، واستعيني برب البرية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً