الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت أحب تخصصي في الجامعة وفجأة كرهته، فما سبب ذلك؟

السؤال

كنت من المتفوقين في دراستي، وقد نلت شهادة البكالوريا بمعدل ممتاز، وكنت الأولى في ثانويتي، واخترت تخصص طب بشري، وبعد هذا مباشرة، وقبل أن أدخل للجامعة كرهت التخصص، وكرهت الدراسة، ولم أعد أستطيع أن أدرس حرفاً واحداً، وأصبحت علامتي في الفصل الأول متدنية جداً وسيئة نتيجة عدم المذاكرة.

علماً بأني في هذه الفترة قررت الالتفات لطلب العلم الشرعي، وكنت جيدة جداً فيه، وبالنسبة لدراستي في الجامعة العكس تماماً.

علماً بأني مواظبة على الأذكار والقرآن، ودائماً أستمع وأقرأ، وأصلي نوافل، وأضع خططاً للدراسة، وآخذ بالأسباب قدر استطاعتي، ولكن أنا أحمل القلم ويكاد قلبي يخرج من فمي، ولا أستطيع، والآن بقي للاختبارات القليل، وخائفة من الرسوب.

أفيدوني جزاكم الله خيراً، وإن كان هذا بسبب عين فبماذا توصوني؟ وأغرقوني بدعواتكم لأخرج من هذه الحالة، فقد تعبت نفسياً وجسدياً، وأشعر منذ أن نجحت في الشهادة، وتفوقت، بتعب جسدي كبير رغم أني حين أزور الطبيب أجدني في صحة جيدة وأنام كثيراً، وأقوم، وكأني لم أنم دقيقة.

الله المستعان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يعينك على دراستك، وأن ييسر لك كل عسير، وأن يهون عليك كل شاق، وألا يخزيك ووالديك وأهلك، وجميع المسلمين في الدنيا والآخرة.

أختنا الفاضلة: لا شك أنك وضعت يدك على الجرح، الأمر لا يتعلق بضعف الآلة عندك، فأنت متفوقة، ولا يكون هذا إلا بجهد حاضر وعقل وقّاد، وأنت -والحمد لله- فيك الأمران معاً.

الحاصل أن الجهد المبذول، والعقل الممنوح قد حولت مسارهما من الدراسة العلمية إلى الدراسة الشرعية، وهذه الدراسة نعني الشرعية لها لذة في التحصيل، ولذة أخرى يجدها المرء في قلبه حين يزداد معدل التدين عنده، وهذه إحدى ثمرات طلب العلم الشرعي.

لكن -أختنا- أنت بهذا الخيار فضلت المفضول على الفاضل! نعم دراستك للطب أولى لك وأنفع، وأولى للمسلمين وأنفع من دراستك العلوم الشرعية اليوم، لعدة أسباب:

1- ليس كل الأخوات قادرات على دخول الطب، وليس الطب متاحاً لهن جميعاً، بينما العلم الشرعي متاح للجميع وبلا قيد.
2- المردود الإيجابي عليك من الدراسة لا يتوقف عند مجرد تخفيف الألم على المصابين، أو مداواة المساكين، بل يتجاوز ذلك ليصير عبادة تتقربين إلى الله تعالى بها.
3- مجالك -أختنا- قد يستر الله به عورات كثير من المسلمات، فلو تخصصت في طب النساء لكن الخير أضعاف ما تخيلت.

وعليه فإننا نحثك على ما يلي:
1- الإيمان بأن الوقت لم ينته، وأنك بإذن الله قادرة على العودة والدراسة، والتحصيل واللحاق بالركب.
2-تجديد النية أن تكون الدراسة لله، ثم لمساعدة الفقراء والمساكين، ولنشر الدعوة الإسلامية من خلال العمل المهني، وقد رأينا المردود الإيجابي الكبير من أخواتنا الطبيبات على الدعوة وعلى المسلمين بل وغيرهم.

3-التوقف الفوري عن طلب العلم الشرعي، وتخصيص بقية الأيام حتى الاختبار في الدراسة الأكاديمية.
4- إذا ما انتهت الدراسة فلا بأس من العودة إلى دراستك الشرعية، المهم ألا تكون على حساب دراستك الأصلية.

أخيراً: العين والحسد أمر واقع ومشاهد، لا نحب أن نضخمه كما لا ينبغي تغافله، ولذا نوصيك بالمحافظة على الأذكار صباح مساء، مع قراءة سورة البقرة أو الاستماع لها كل ليلة في البيت.

وفقك الله ورعاك وأحسن إليك وسدد خطاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً