الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق والرهاب وعلاقتهما بالنسيان وكيفية علاجهما

السؤال

في الحقيقة كنت قد عملت تخطيطاً للمخ عند استشاري سعودي للمخ في مستشفى الحبيب الطبي، لأني أنسى كثيراً من المواقف والأسماء، وحتى الكلمات إذا أردت أن أتكلم لا أجد تعبيراً صحيحاً للكلام الذي أريد أن أقوله، لأني لا أجد الكلمات المناسبة جداً في المكان المناسب.

فلم يجد الدكتور في التخطيط للمخ أي شيء، وقال إن سبب نسيانك وضعف ذاكرتك هو القلق، ووصف لي علاجاً اسمه سيروكسيات، وقال: استعمله لمدة شهر، حبة واحدة في اليوم.

أخذت أول حبة منه لكني توقفت تماماً عن استخدامه بسبب تخوفي منه، خاصة بعدما قرأته في الوصفة (الروشتة) من الآثار الجانبية للدواء المخيفة من استخدامه، فليتفضل بكتابة ما أحس به من خلال استخدامه بكل أمانة، وله مني خالص الدعاء، وخاصة الناحية الجنسية وتأثيره في تثبيطها وتضعيفها.

وهل بالفعل وجد أن له تأثيراً إيجابياً وأنه تحسن، وللعلم فإني أشعر بالرهاب الاجتماعي والتخوف من إحراجات الناس لي، وخاصة من يعلق عليّ أو يسخر مني أو ينكت علي، أحس فيها أن الأرض تبتلعني، وأحياناً لا أتكلم، ولا أستطيع الرد وأحس أن وجهي تغير وأنه سقط.

أفيدوني مأجورين، ولكم مني صالح الدعاء، وإذا كان يوجد علاج أفضل منه بحيث أنه لا يؤثر على الذاكرة والتشويش على العقل، فليكتبه بعد أن جربه بكل أمانة وصدق.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالحمد لله يا أخي أن تخطيط الدماغ سليم، وأنا أتفق تماماً مع الطبيب أن أكبر أسباب ضعف الذاكرة لدى الشباب أو من هم أقل من عمر الخمسين سنة هو القلق والرهاب وربما الاكتئاب النفسي، فأرجو أن تطمئن من هذه الناحية يا أخي، وإذا كان هنالك أي سبب للقلق والتوتر أرجو أن تعمل على إزالته ومعالجته.

أما بالنسبة للأدوية فالزيروكسات حقيقة يعتبر من أفضل الأدوية لعلاج الرهاب والخوف والاجتماعي، وما يكتب عن الأدوية أرجو ألا يكون مزعجاً بالنسبة لك، شركات الأدوية مكلَّفة أن تكتب أي أثر جانبي مهما كان ضُعف احتمال حدوثه، حتى لو حدث لشخص في المليون، الشركات قانوناً مطالبةً بأن تكتب ذلك، حتى لو قرأت في بعض المحافل أو المجلات العلمية عن البندول فإنك لن تستعمله صدقني؛ لأن البندول كل شيء مكتوب عنه يضر بالكبد وربما يؤدي إلى تليفها وربما يؤدي إلى فشلها وهكذا.. ولكن هذه الأشياء نادرة الحدوث جدّاً، إذن هي ضوابط قانونية في المقام الأول والشركات تريد أن تحمي نفسها؛ لأن القانون يلزمها بذلك.

ثانياً يا أخي: حقيقة الزيروكسات ربما يسبب بعض الضعف الجنسي البسيط لدى قلة قليلة جدّاً من الرجال، وهذا الضعف مؤقت.

الطريقة المثلى لأن تبدأ الزيروكسات ليس أن تبدأ بحبة كاملة في اليوم، إنما تبدأ بنصف حبة ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك يمكنك أن ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، أرجو يا أخي أن تجرب ذلك، وصدقني بعد أسبوعين إلى ثلاثة من بداية العلاج سوف تشعر أنك قد أصبحت في تحسن أفضل، ومدة العلاج هي ستة أشهر بعدها يمكن أن يخفض الدواء إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر ثم يتم التوقف عنه.

إذا كانت الصعوبات الجنسية بالشدة الشديدة من الزيروكسات – وأتمنى ألا يحدث ذلك – فسيكون العلاج البديل هو فافرين، الفافرين دواء أيضاً فعّال وإن كان أقل فاعلية من الزيروكسات، ولكن لا يسبب أي صعوبات جنسية، وجرعته هي 50 مليجراما ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ترفع بعد ذلك إلى 100 مليجراما ليلاً وتستمر عليها أيضاً لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى 50 مليجراما ليلاً لمدة شهر كامل ثم تتوقف عنها.

أخي الكريم: بجانب العلاج الدوائي لا بد للإنسان أن تكون له ثقة في نفسه وفي ذاته وفي مقدراته، ولا بد أن تفكر تفكيراً إيجابياً حتى تتخلص من كل فكر سلبي، كما أنه يا أخي بالنسبة للرهاب الاجتماعي والخوف الاجتماعي فإنه يعالج بالمواجهة، لابد أن تكون مواجهاً وأن تصر على نفسك وتواجه كل مصادر الخوف وتكرر هذه المواجهة، وصدقني بهذه الطريقة سوف تتخلص من المخاوف، أما إذا أصبحت تتجنب مصدر مخاوفك فصدقني المخاوف سوف تزداد وربما تولد مخاوف جديدة، إذن عليك بالمواجهة والمواجهة المطلقة.

ممارسة الرياضة شيئاً ضرورياً جدّاً بالنسبة لتنشيط الذاكرة، وكذلك تمارين الاسترخاء وتنظيم النوم وأخذ القسط الكافي من الراحة وشرب الحليب الدافئ قبل النوم؛ كلها إن شاء الله تعتبر من مقويات الذاكرة الفعالة.

كما أني أوصيك بأن تقرأ مواضيع تكون ليست بالطويلة وتكرر هذا الموضوع القصير أكثر من مرة ثم تحاول استذكاره، قم بذلك حين تكون مسترخياً.

كما أنه من الضروري جدّاً يا أخي أن تحدد جدول أسبقيات المواضيع حسب أهميتها، ليس من الضروري أن نتذكر كل شيء، والنسيان هو من نعمة الله علينا؛ لأن الإنسان إذا تذكر كل شيء ربما يكون هذا مضرّاً أيضاً، ولكن لابد أن تكون هنالك أسبقيات في التذكر، المواضيع الهامة يجب أن نعطيها اعتباراً أكثر، ويجب أن نستقبلها بحواسنا كلها، على سبيل المثال: حين تستقبل المعلومة عن طريق السمع وتكون منتبهاً، في نفس الوقت تكون هنا استعملت أيضاً حاسة النظر، وإذا لامست الشخص تكون استعملت حاسة اللمس، وإذا حاولت أن تقترب منه تكون استعملت الحواس الأخرى.

إذن حين نستقبل المعلومة بعدة حواس وتكون لدينا الرغبة في استقبالها وتخزينها، لا شك أن المعلومة سوف ترسخ وتستقبل وتخزن وتشفر بصورة صحيحة في مركز الذاكرة والذي يوجد في الفص الصدفي لدى الإنسان، والمعلومة حين تخزن وتشفر بصورة صحيحة يمكن بعد ذلك فك شفراتها واستعمالها عند الحاجة، إذن الموضوع يتطلب منا استقبال المعلومة والرغبة في تعلمها وتخزينها وتكرارها.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً