الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير حال زوجي بعد أن كان تقياً.. فما النصيحة؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

متزوجة منذ 19 سنة، ولي ولدان، كان زوجي تقياً، وقمنا معاً بعمرة، ولكن بعدها أصبح كثير السهر، وشارباً للخمر، وتاركاً لصلاته.

حاولت معه بجميع السبل، لكن في كل مرة يقول لي إنه غير راض على ما هو فيه، وأن هنالك شيئاً أقوى منه.

معاملته معي لم تتغير، لكنه أصبح ناقماً على ما هو فيه، حتى أنه أصبح يتمنى الموت.

أشك أن به أذى كالسحر أو غيره؛ لأنه يشكو كثيراً من أوجاع في جسمه، ولا يشتغل كالعادة، فكيف السبيل لمعرفة حالته وشفائه؟ وإن أمكن دون أن يحس بذلك.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يصلح لك زوجك والأولاد.

إن عدم رضاه عن نفسه بداية مبشرة وخطوة أولى في طريق إصلاحه ورجوعه إلى صوابه، فاجتهدي في نصحه وإرشاده، ولا شك أن المعاصي تجلب الضيق والتعاسة، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ) [طه:124-127].

أرجو أن نبحث عن الأسباب العادية قبل الذهاب للمسائل الغيبية والتصورات الوهمية، وبقليل من التأمل ندرك العلاقة بين السهر وشرب الخمر وترك الصلاة، خاصة إذا علمنا أن السهر مع رفقة سوء، والمرء على دين خليله، وصداقة الأشرار تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب، فمن هم أصدقاء الرجل؟ وماذا يفعلون؟ وما هي الأشياء التي تشده إليهم؟ وهل من السهولة أن تشجعيه على استبدالهم؟ فإن الإنسان -بل والحيوان- يتأثر ببيئته وجلسائه.

توجهي إلى الله بالدعاء، وذكريه بأيام الطاعة والصفاء، وبطواف العمرة وبالسعي عند الصفا، وخوفيه من غضب رب الأرض والسماء، واجعلي بيتك مكاناً للسعادة والهناء، واستخدمي معه كافة أسلحة النساء، وأمطريه بوابل الثناء، واعرفي له إحسانه وأياديه البيضاء، ولا مانع من البحث عن علاجه عند الثقات الأتقياء، شريطة اليقين بأن الله واهب الشفاء، مع ضرورة أن تجعلوا البيت مكاناً للذكر والتلاوة والدعاء.

وليس في تمني الموت خير، واعلموا أن ما بعد الموت أشد على كل من عصى الله وعاند، فكرري المحاولات، ولا تيأسي من رحمة رب العالمين والسماوات، وحاولي أن تعودي به إلى مكة وأيام الطاعات، وذكريه بمستقبل الأبناء، وخوفيه من الوقوف بين يدي الله.

إن لم تنفع معه المحاولات، فهدديه بالابتعاد عن فراشه والجلسات، وقدمي طاعة الله على رغباته، وحاولي الاستعانة بالصالحين من أهله وعماته، ونسأل الله أن يخرجه من غفلاته.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً