الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاكمة كل فتاة بحال أهلها فيه ظلم للكثير من الصادقات!

السؤال

لقد عقدت القران على فتاة من اختيار والدي، ولكن بمرور الوقت أحسست أن هذا الاختيار لم يكن صواباً؛ فالفتاة لم تكن محجبة أول الأمر، وبعد فترة من خطبتنا تحجبت رغبة منها، وقد نصحتها بذلك، وقد أبدت نوعاً من الالتزام، والله أعلم بالسرائر.

المشكلة أن لديها إخوة سيرتهم سيئة، فهما سارقان، وأحدهما وهو الصغير ما زال يسرق حتى أمد قريب، ومؤخراً اعتدى على أملاك الغير، وهو فار من المحاكمة، هذا بالإضافة إلى شرب الخمر!

كما أن والد الفتاة قد طلق أمها منذ سنوات، وتزوج بأخرى، وهو معروف بتكبره وقسوته! كما أن أقاربها من جهة الأب والأم غير ملتزمين، ومنهم من له سيرة سيئة!

أنا الآن في حيرة، وأرجو من الله أن يعينني ويفرج كربتي! وقد أصبحت أفكر في مصير هذه العلاقة، وأخشى إن أنا أكملت الزواج أن لا تكون الذرية صالحة؛ بسبب عائلة الأم! كما أنني أخاف غضب والدي إن لم أكمل هذا الزواج؛ فهو حريص أشد الحرص على هذه الفتاة، وقد تسوء علاقتنا بسبب ذلك!

أرجو منكم إعانتي على هذا الأمر الذي شغلني كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لسنا مكلفين بالبحث عن السرائر، وإنما العبرة بما ظهر من حال فتياتنا الحرائر، والعلاقة وثيقة بين الظاهر وما في الضمائر، ولن يخيب -إن شاء الله- من حرص على طاعة والديه وجبر الخواطر، وأرجو أن يكون في سرعة استجابتها للحجاب تطمينًا لنفسك أيها الحائر.

لا شك أن البيئة لها آثارها، لكن ليس من الضروري أن تكون مثل إخوانها، وسبحان من يخرج الحي من الميت، فإن عكرمة رضي الله عنه هو ولد أبي جهل، وعبد الله بن عبد الله بن أبي سلول، هو ابن زعيم المنافقين، وقد كان من المؤمنين الصادقين.

إذا ظهر لك صلاح الفتاة ورغبتها في التحسن، وكان في نفسك ميل لها، وكنت صاحب دين والتزام تؤثر ولا تتأثر، فلا داعي للتردد، أما إن كنت ضعيف الإيمان تحتاج لمن يأخذ بيدك، فخير لك أن تفكر في الأمر مرات ومرات، وتبحث عن حقيقة الفتاة، وذلك عن طريق محارمك، فإن النساء أعرف بالنساء.

عليك بصلاة الاستخارة، وهي طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير، ولأهميتها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة في القرآن، ثم شاور أهل الخبرة والدراية، وابحث عن الأسباب التي لأجلها اختار والدك هذه الفتاة، وهل هناك علاقة قرابة أم جيرة أو أي علاقة أخرى؟

لا شك أن الأب يريد لابنه الخير، فما الذي دفعه لاختيار تلك الفتاة؟ وإذا حاكمنا كل فتاة بحال أهلها فقد تظلم الكثير من الصابرات الصادقات، والله تبارك وتعالى يقول: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [فاطر:18].

لذلك فنحن نتمنى أن يكون التعامل مع هذا الأمر بمنتهى الحكمة واللطف، صيانة لمشاعر الفتاة واحتراماً لموقف والدك واختياره.

نسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر لك ذنبك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً