الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج ولكن الفقر يقف عائقا أمامي.. ما نصيحتكم؟

السؤال

أبلغ 26 عاماً، ولا أعمل، ولا زوجة صالحة، ولا من يهتم بي، والنهار الذي يمر مثل الذي يليه، أخرج من المنزل، لا أدري أين أذهب ولا أين أتوجه! ولا أحد يهتم بحالي، مع أن والدي ميسوران لكنهما يعيشان في غفلة.

والله ليس عندي صبر الإمام أحمد، ولا أصبر على الفقر، وأخشى من ذهاب عقلي بسبب هذا القدر، وفي الأثر (كاد الفقر أن يكون كفراً) أعينوني بارك الله فيكم، ولو بكلمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حنظلة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن في الشباب قوة وقدرة على العمل والكسب، والله تبارك وتعالى يقول: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))[الملك:15].

فالمسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ولن يجد عملاً من لم يطرق الأبواب، ولن يجد وظيفة من يصر على مواصفات معينة وأعمال بعينها، فاطلب العمل، واعلم أن كل عمل مشروع شريف، وأن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده، ومضى على هذا السبيل الأنبياء والأخيار والصلحاء.

وأرجو أن تقترب من والديك وتجتهد في برهما حتى يشعرا بك، ونتمنى أن تجد من الأعمام والأخوال من يتكلم بلسانك ويرفع قضيتك إليهم، وليتهم علموا أن حاجتك إلى العفاف في زمان الفتن لا تقل عن حاجتك للطعام والشراب، وأن على الوالد إذا كان ميسوراً أن يعين ولده على العفاف كما قال سعيد بن العاص رضي الله عنه: (إذا علّم الرجل ولده الكتاب، وحج به بيت الله الحرام، وزوجه فقد خرج من حقه).

ولا أظن أن الفقر يمنع من الزواج، ولكن البساطة مطلوبة، وكانوا يقولون تزوجوا فقراء يغنكم الله؛ لأن الله يقول في كتابه: ((إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:32] ولا عجب فإن المرأة تأتي برزقها، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وإنما ترزقون بضعفائكم، بذكرهم وصلاتهم وإخلاصهم.

وهذه وصيتي لك بلزوم طريق المتقين وقد وعد الله أهلها بتيسير الأمور فقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4]، وقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3].

وأرجو أن تكثر من الاستغفار، وتصلي دوماً على رسولنا المختار، وأحسن إلى المسكين والجار، واحرص على صحبة الأخيار.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً