الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الأب في ترك الواجبات الدينية

السؤال

يخيرني والدي بين أمرين: الأول: ترك الالتزام، أي حلق اللحية، وخلع زوجتي للنقاب، وعدم حضور أي دروس للشيوخ الملتحين، والتوقف عن محادثة الملتزمين، وعدم إعطاء دروس في مسجد صغير مجاور لبيتي، وإطالة الثوب، أي أن أكون عادياً مثل بقية الناس (صلاة وصوم ومعاملة طيبة للناس فقط) على حد قوله، وبذلك أكون ابناً له غير عاق.

والثاني: فعل ما أشاء مما سبق وأكون له عاقاً، ويعلن البراءة مني إلى يوم القيامة، وقد حاولت معه كثيراً بلا فائدة، ولا أدري ماذا أفعل، هل إذا اخترت الأمر الثاني أكون عاقاً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك بر والديك، وألا يحرمك أجرهم.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فكما لا يخفى عليك أن المسلمين الآن يتعرضون لضغوط نفسية وغزوٍ فكري وثقافي وعقدي لم يسبق له مثيل؛ وذلك لصرفهم عن دينهم، أو على الأقل أن يصبح الدين في حياتهم شيئاً هامشياً يخضع للرغبة والهوى والظروف، فيصير محكوماً بالرغبات والأحوال بدلاً من أن يكون حاكماً للحياة بجميع صورها، ولقد استخدم أعداء الإسلام في سبيل ذلك جميع الوسائل الممكنة، وعلى رأسها أجهزة الإعلام والضغوط الأمنية في بعض الدول، وما موقف والدك إلا ترجمة عملية لهذه الضغوط، وإلا فلا أتصور مسلماً من المسلمين أبداً يريد برغبته وإرادته أن يصد عن سبيل الله أو يحاد الله ورسوله، ولذلك لابد أن نلتمس العذر لوالدك أولاً فيما يُصر عليه ويأمر به، فما هو إلا ضحية هذا الغزو المكثف الذي قواه الحرص الأبوي على عدم المساس بك أو رؤيتك وأنت في موقف صعب كما تعرف، إلا أنه رغم التماسنا العذر له لا يجوز لك أن تطيعه في أي أمر من الأمور التي دعاك إليها؛ لأنه يدعوك إلى معصية الله ورسوله، وهذا لا يجوز لك طاعته فيها، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فلا يجوز لك طاعته في أيٍ من الأمور المشار إليها، مع ضرورة الحرص على حسن معاملته والإحسان إليه والصبر على أذاه أياً كان، وأعلمه بأنك تحبه، وأن الشرع أمرك بطاعته ولكن في غير معصية الله، وأنك لم ولن تتخلى عن طاعتك له وإحسانك إليه وصبرك عليه مهما فعل؛ لأن هذا هو ما أمرنا به الشرع، وأكثر من الدعاء له بالهداية ولك ولزوجتك بالثبات، مع تمنياتنا لك بالتوفيق والثبات على الحق.
وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً