الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الطريقة المثلى للإصلاح بين الوالدين الكبيرين؟

السؤال


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أيها الفضلاء! نشكركم على هذه النافذة المفيدة، فجزاكم لله خيراً ووفقكم لكل خير.

أما استشارتي فهي تخص العلاقة المضطربة بين أمي وأبي، وتفصيلها كما يلي:
يبلغ أبي من السن 63 سنة، وأمي 53 سنة، ومن الله عليهم بأبناء يتمتعون بخلق ودين، ومكانة اجتماعية راقية.

بين أبي وأمي مشاكل منذ سنوات طويلة، مبناها التقصير المتبادل في أداء حقوق بعضهم لبعض، لجهلهم بالدين وبخطورة سوء العشرة بين الزوجين.
تتطور هذه المشاكل أحياناً أو في العديد من الأحيان إلى مشادات كلامية كبيرة بينهم لا تليق بسنهم الكبير مع الأسف.

أبي ذو مزاجية وعصبية، ولا يقبل الحق تعنتاً، ونحاول مناصحته بالتي هي أحسن فلا يستجيب، بل قد تفضي نصيحتنا له إلى الأسوأ.

أمي تستجيب للنصيحة، ولكن بمجرد أن تحس بالظلم من قبله تثار حفيظتها فلا تستطيع الصبر، فترد عليه بالكلمات نفسها فتتكرر المأساة، إلى درجة أنني أحس أحياناً أن الطلاق ربما يكون حلاً لهمومهم، لكن خوفهم من المجتمع وكلام الناس جعلهم يصبرون على هذه الحالة.

أحياناً إكرامنا لأمنا لا يرضي والدنا، ونناصحه أحياناً حول اللحية، وحول خطر الغيبة، فتثار حفيظته ويغضب علينا، ويفرغ غضبه في أمي.

فكيف التعامل معهم؟ وكيف نكسب رضاهم ولا نكون مقصرين في حقوقهم علينا؟ وما يؤلمنا أننا نحس أنهم يأثمون كثيراً في سوء تعاملهم مع بعضهم، فكيف السبيل إلى الإصلاح بينهم؟

وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو هالة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن أقصر الطرق إلى الإصلاح يكون باللجوء إلى مصرف القلوب، فإن قلوب العباد بين أصبيعه سبحانه يقلبها كيف يشاء، ومرحباً بك بين الإخوان والآباء، ونسأل الله أن يؤلف بين قلب والديكم، وأن يرزقهم الإنصاف وحسن العشرة والصفاء.

ولا يخفى على أمثالك أن شريعة الله تفرض عليكم البر والإنصاف للجميع، فإن ظهور ميلكم إلى طرف الوالدة قد يكون سبباً رئيساً في تعقيد الأمور، والدليل على ذلك أن والدكم إذا غضب منكم يصب غضبه على والدتكم، والإنسان إذا كبر في السن يصبح شديد الحساسية، سريع التوتر، يشعر أن البساط ينسحب من تحته وأن الأم تنفرد بأولادها وتخطط معهم بعيداً عنه، وللشيطان مداخل إلى قلب الإنسان، وأرجو أن تدركوا أن هذا الوضع المتأزم دليل على تراكمات قديمة لم تجد الحل المناسب في وقتها المناسب.

ونحن نقترح عليكم ما يلي:

1- كثرة الدعاء للجميع، وإظهار الحفاوة بالجميع.

2- تنمية المشاعر الطيبة، وذلك بأن تقولوا خيراً وتنموا خيراً، وإذا سمع أحدكم من والدته كلمة طيبة عن والده طار بها إليه، وهكذا الأمر بالنسبة للوالدة.

3- تجنب ما يغضب كل طرف؛ فإن الإنسان إذا نصح أحد الوالدين وشعر بأنه غير راضٍ فإن عليه التوقف والسكوت.

4- البحث عن الأسباب الخفية للتوترات لمعالجتها.

5- فهم نفسية كل طرف والدخول إلى قلبه بالطريقة المناسبة، ومن الضروري الاستفادة من خوفهم من الفضيحة والعار، وبعض الناس سمعي وبعهضم بصري، وكل طرف يتأثر إذا طرقنا على الوتر الحساس في شخصيته.

6- تذكير الجميع بالله، ولكن ليس في أوقات التوتر، مع ضرورة انتقاء الألفاظ، وتقديم ألوان من البر قبل إسداء النصح.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله تعالى، ومرحباً بكم في موقعكم، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب، وأن يغفر الذنوب، وقد أسعدني حرصك على الإصلاح، وأنت اليوم في عمر يؤهلك للإصلاح، وأرجو أن تتفقوا على أسلوب واحد في الإصلاح، وأن تعاملوا كل طرف بما يرضي الله، وأن تنقلوا أحسن ما تسمعون، وتدفنوا ما سواه.

ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا عبدالله

    جزاكم الله خير الجزاء موضوع مهم جدا بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً