الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعرق الزائد عند مواجهة الناس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
مشكلتي يا دكتور هي حالة من التعرق الشديد في الوجه عند مقابلة أي شخص أعرفه أو غريب، فعند محادثته معي أجد حالة من الخوف أو الخجل لا أستطيع إجابته بالشكل المطلوب، وأحس بالاختناق وزيادة في دقات القلب واحمرار الوجه وبرودة في الأطراف وزيادة التعرق في الوجه، مما يجعلني محرجة من الشخص الآخر.

أرجو مساعدتي يا دكتور ومعرفة طرق العلاج اللازمة، وهل تستدعي الحالة الذهاب لدكتور نفسي؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك..
فإن هذه الحالة - إن شاء الله تعالى – حالة بسيطة، وهي نوع من القلق الظرفي، أي الذي يحدث تحت ظروف معينة، وهي الأحوال التي يتطلب أن يواجه فيها الإنسان موقفاً معيناً أو شخصاً معيناً، ومثل هذه الحالات البعض يسميها بـ (الخجل – أو الخوف/الرهاب الاجتماعي).

هذه الحالة التي تعانين منها هي من الدرجة البسيطة، وأعراضها - كما في حالتك - هي: الخوف والشعور بالاختناق والشعور بالتوتر هي أعراض نفسية هامة لتشخيص القلق النفسي، وتوجد المكونات الأخرى للقلق وهي الأعراض الجسدية وفي حالتك هي زيادة في دقات القلب واحمرار الوجه، وهذا بالطبع ينتج من تدفق الدم، وكذلك زيادة التعرق هي ناتجة من نشاط الغدد العرقية، وهذا يحدث قطعاً في حالات المواجهة والمخاوف بصورة عامة.

والبعض أيضاً قد تأتيهم رجفة أو رعشة أو تقلصات في الأطراف والعضلات.

إذن الحالة بسيطة وهي نوع من القلق وليست أكثر من ذلك، وتفهم الحالة واستيعابها بصورة جيدة هو في حد ذاته في نظرنا وسيلة من وسائل العلاج.

ثانياً: سيكون من الجميل أن تحقري فكرة الخوف وفكرة القلق عند المواجهة، وهذا يمكن أن يصل إليه الإنسان بأن يجري حواراً داخلياً هادئاً مع نفسه، وذلك بطرح تساؤلات معينة: (لماذا أخاف؟ لماذا أقلق؟ هم بشر مثلي، وهم لا يظهر عليهم الخوف فلماذا يظهر عليَّ أنا؟)، هذا الحوار الداخلي مهم جدّاً وهو وسيلة معرفية وسلوكية جيدة جدّاً للعلاج.

ثالثاً: هنالك ما يعرف بالتعريض مع منع الاستجابة، بمعنى أن يُعرض الإنسان نفسه لموقف أو موقع أو ظروف الخوف ويمنع نفسه من الاستجابة، والاستجابة السلبية هنا هي الانسحاب من الموقف، فالتعريض مع منع الاستجابة يعتبر علاجاً نفسياً سلوكياً ً ضرورياً.

وقد قسم علماء النفس التعرض إلى تعرض في الخيال وتعرض في الواقع.

التعريض – أو التعرض - في الخيال أن يتخيل الإنسان نفسه في موقف اجتماعي يسبب له الخوف مثل التواجد في مناسبة اجتماعية أو التحدث في موضوع هام أمام مجموعة من الناس – وهكذا – هذا التعرض في الخيال يتطلب أن تجلسي في مكان هادئ وأن تأخذي الأمر بجدية وتتأملي تأملاً لا يقل عن عشرة إلى خمسة عشر دقيقة، ويجب أن تبدئي هذه الرحلة الخيالية من أولها حتى تصلين إلى نهايتها كأنك تعيشين الحدث واقعياً أمامك.

بعد ذلك يأتي بالطبع أن تواجهي وتقصدين المواقف التي تحسين فيها بالخوف قصداً، وحين تواجهين سوف تحسين أن مستوى القلق والخوف والتعرق ابتدأ يرتفع قليلاً، ولكن بعد ذلك سوف يبدأ بالانخفاض شرط ألا تهربين ولا تبتعدين من الموقف، هذه التمارين تحتاج إلى التكرار وتحتاج إلى الاستمرارية.

وهنالك حقيقة أخرى أود أن أذكرها لك وهي أن الشعور بالخوف وتسارع ضربات القلب والتعرق هي أحاسيس حقيقة نحن لا ننكر ذلك، ولكن الدراسات أشارت أن هذه الأحاسيس مبالغ فيها جدّاً، وكثير من الذين يعانون من هذه المواقف يعتقدون أن الآخرين يقومون بمراقبتهم ويرصدونهم، وأن الفشل سوف يلحق بهم في هذا الموقف وأمام الآخرين، وأن الآخرين سوف يأخذون طابعاً سالباً عنهم، هذا كله ليس حقيقياً، والدليل على ذلك أن أحد العلماء قام بتصوير الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من القلق الاجتماعي عن طريق الفيديو، وكانوا في مواقف اجتماعية شديدة يعتقدون أن هذه المواقف سببت لهم الخوف والقلق، وبعد ذلك قام بعرض صور الفيديو عليهم واتضح أن أداءهم كان معقولاً، وأن قوة الاضطراب الذي كانوا يعتقدون أنه يحدث لهم لم يكن بنفس الحجم والصورة التي كانوا يتخيلونها.. فأرجو الانتباه لهذا الأمر لأنه سوف يفيدك كثيراً.

يأتي بعد ذلك طرق أخرى جيدة للعلاج وهي: التواصل مع الآخرين على النطاق الاجتماعي، والمشاركة في الأعمال الخيرية والانضمام إلى جمعيات البر والإحسان والجمعيات الشبابية، وتلاوة القرآن في جماعة، هذه كلها علاجات نفسية سلوكية في نظرنا تساعد في علاج مثل هذه الحالات.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والحمد لله توجد أدوية ممتازة وفعالة جدّاً، وسأصف لك علاجاً ممتازاً يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة وتستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة لنصف حبة لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عن تناوله.

يوجد دواء آخر يعتبر دواء مساعد يعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، أرجو أيضاً أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (حبة واحدة) يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن استعماله عند اللزوم، بمعنى إذا كنتِ تود الذهاب إلى موقف معين ترين أنه ربما يأتيك الشعور بالخوف يمكن تناول هذا الدواء بجرعة عشرين مليجراماً بساعتين أو ثلاثة قبل التعرض للحدث.

إذن أرجو تطبيق الإرشادات السابقة وتناول العلاج بالصورة التي وصفتها لك، وإن شاء الله تعالى سوف تتحسن الحالة بصورة مطردة حتى تزول هذه الأعراض تماماً.

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • عبد الله

    صحيح إنه شعور مخيف و قد أثر على حياتي سلبيا حتى على حالة جسمي حيث صرت نحيفا و لكنه يظل إبتلائا من الله عز و جل لرجوع إليه و دعوته بارك الله فيكم

  • رومانيا سلطان

    وانا فيني ذا الحاله الله يشفيني يا رب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً