الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل نجاة الفتاة من المعاكسات.

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

ما هي الطريقة المثلى التي تجنب الفتاة معاكسات الشباب من دون أن تحدث مشاكل أو شجار سواء كانت وحدها أو كان معها رجل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ اليأس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك – مرة أخرى - في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا وأن نتواصل معك – مرة أخرى - في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك، وأن يرزقك الغيرة على عرضك، وأن يحفظ عرضك وعرض جميع المسلمين والمسلمات، وأن يسترنا جميعاً بستره الذي لا ينكشف في الدنيا والآخرة، وأن يجنبنا جميعاً الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من السؤال عن الطريقة المثلى لتجنب الفتاة معاكسات الشباب، فأول وسيلة من تلك الوسائل التزام الحجاب الشرعي، فإن الناس عادة إذا رأوا امرأة تلبس حجاباً شرعياً بالمواصفات الشرعية يعلمون أنها ليست من تلك الفتيات اللواتي يلعبن أو يعبثن أو لديهنَّ الاستعداد على أن يقمن علاقات محرمة أو غير مشروعة؛ لأن الله تبارك وتعالى كما كسا الرجال الملتحين هيبة بلحاهم كسا بذلك المرأة المحجبة هيبة بحجابها، وكما نعلم أن الله الجليل – جل جلاله سبحانه – وعدنا أنه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، كما قال سبحانه: ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ))[النحل:128]، وقال لموسى وهارون – عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام -: ((إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى))[طه:46].

فإذا كان العبد على طاعة واستقامة لله كان في معية الله وعناية الله ورعايته، ولذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من صلى الفجر فهو في ذمة الله حتى يُمسي. فالأخت الفاضلة التي تلبس الحجاب الشرعي الموافق للضوابط الشرعية الحقة، فإن الله يكسوها هيبة وجلالاً وكمالاً، ويجعل من الصعب على أحد من الشباب أن يعاكسها أو أن يسبب لها أي إزعاج أو حرج، وذلك لأنه يعلم أنها ليست من البنات اللواتي لديهنَّ الاستعداد ليقمن علاقات غير مشروعة.

أيضاً الوسيلة الثانية لتجنب المعاكسات الاحترام أثناء المشي، المشي بطريقة مؤدبة ومهذبة ومحترمة؛ لأن الناس يحترمون من يحترم نفسه ويتجرؤون على من يمتهن نفسه، فإذا ما كانت الأخت تمشي بطريقة معتادة، بمعنى أنها لا تلتفت وراءها ولا تنظر يمينها أو يسارها كما لو كانت تبحث عن شيء، ولا تطيل النظر في من يمشي حولها من الناس، فإنها بذلك تدفع الناس على احترامها لأنهم سيعلمون أنها جادة، وأنها ليست بلاعبة، وأنها عاقلة، وأنها واعية ومدركة لتصرفاتها، فعندما تمشي الأخت المشي الطبيعي المعتاد الذي ألفه معظم الناس كما ذكرتُ ليس بتكسر ولا تميع ولا الوقوف في الطرقات بلا داعٍ وبلا سبب، وإنما تمشي في اتجاه واحد لا تلتفت لا يميناً ولا يساراً، ولا تنظر وراءها كأنها تبحث عن أحد؛ لأنه عندما تنظر الفتاة إلى أي جهة فإن أي شاب من الشباب عندما يراها يقول إنها تبحث عن رجل أو تبحث عن شاب أو لعلها تبحث عن أحد فيبدأ غالباً في التحرش بها، أما عندما تمشي كأنها تعرف هدفها ولا تلتفت لا يميناً ولا يساراً ولا وراءً، وإنما نظرها دائماً أمامها في الطريق الذي تمشي فيه، فإن هذه المشية تدل على الجدية والحزم وتدفع كثيراً من الذئاب عنها.

ثالثاً: غض البصر، ومعنى غض البصر أنها لا تحدق بنظرها في من يمر بها من الرجال؛ لأن الرجل إذا وجد المرأة حديدة البصر، أي تنظر في وجهه وتتفرس ملامحه فإنه يقول: (إنها ليست مؤدبة)، وبالتالي فإنها لديها الاستعداد على أن تتكلم مع أي رجل، ولذلك قال الله تبارك وتعالى للرجال: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ))[النور:30]، وقال أيضاً: ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ))[النور:31].

رابعاً: عدم الكلام بصوت مرتفع في الطريق، فإن بعض الأخوات تتحدث كما لو كانت تخطب في مسجد في يوم جمعة، وهذا يلفت أنظار الناس إليها، ومن هنا فإن الله تبارك وتعالى أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم عدم الخضوع بالقول عند الحديث أو رفع الصوت؛ لأن هذا كما قال الله - تبارك وتعالى -: ((فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ))[الأحزاب:32]، فهي تتكلم بصوتٍ هادئ تسمع من يتكلم معها، فإذا كانت تمشي مع أختٍ فإن كلامها لا يتجاوز هذه الأخت، وإن كانت تمشي مع أحد محارمها أو أقاربها من الرجال المقربين لها فإنها أيضاً صوتها لا يرتفع ولا يعلم أحد ماذا تقول.

كذلك أيضاً عدم الخضوع بالقول عندما تحدث رجالاً ليسوا لها بمحارم؛ لأن الله تعالى يقول: ((فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ))[الأحزاب:32]، والخضوع بالقول بمعنى تليين الكلام وتحسينه حتى وإن كان عبر الهاتف، فإنه كما قال هذا الشاعر الأعمى: "والأذن تعشق قبل العين أحياناً"، قد تكون المرأة ليست بجميلة ولكن صوتها فيه نبرة مؤثرة فيتعلق الرجل بها لمجرد حلاوة صوتها، ومن هنا منع العلماء أذان المرأة، لماذا؟ لأن صوتها قد يكون فتنة، وكذلك منعوا المرأة قراءة القرآن في أماكن عامة من هذا الباب، فكما أن هناك جمالاً في الوجه وجمالا في البدن فهناك حسن في الصوت أيضاً، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - : (لقد أُوتيت مزماراً من مزامير آل داود).

فإذن المرأة مطالبة أنها إن تكلمت مع أي رجل ما دام لا يحل لها فلا تخضع بالقول، وإنما يكون كلامها كلاماً معتدلاً، كلاماً لا يوحي أبداً بأنها ليست على خلق أو دين، وإنما كلاماً لا يثير عاطفة ولا يحرك شهوة أو غريزة.

أيضاً من الأمور التي ينبغي أن تتبعها الفتاة – أو المرأة عموماً - لتجنب هذه المعاكسات إنما هو كما ذكرتُ أنها إذا سارت مع فتاة من الفتيات لا تحاول أن تقف في مكان عام بطريقة مريبة، وإنما لا تقف في الطرقات أبداً، ولا تقف أبداً على نواصي الشوارع والحارات حتى وإن وقفت في محطة المواصلات أو في مكان المواصلات فإنها تقف وحدها ولا تحاول أن تقف وسط الناس حتى لا يتجرأ الناس على النظر إليها، وإنما تقف بأدب بجوار مثلاً جدار أو حائط، أو بجوار مكان، أو بعيدة نوعا ما عن تواجد الرجال، وهي مشغولة بذكر الله - تبارك وتعالى - .
وأيضاً من الأمور عدم وضع الطيب؛ لأن هذا الطيب الذي تستعمله الفتاة وهي تخرج من بيتها تثير الرجال، والدليل على ذلك أن هناك عطوراً للرجال وهناك عطوراً للنساء، وأعداء الله تعالى يتفنون في عطورات النساء أن تكون ملفتة للنظر وتشم رائحتها من مكان بعيد حتى تلفت أنظار الناس إليها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة خرجت من بيتها متعطرة ليشم الناس ريحها، فهي كذا وكذا) يعني زانية.

أيضاً من الأمور التي ينبغي أن تلتزمها الأخت حتى تتجنب المعاكسات عدم وضع المساحيق والماكياجات وهي تخرج من بيتها، فلا تضع طيباً ولا تضع مساحيق على وجهها، لأنها بذلك ستلفت نظر الناس إليها.

أيضاً يقول الله - تبارك وتعالى - : ((وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ))[النور:31]، فأيضاً عندما تمشي المرأة خارج بيتها فالأولى بها ألا تلبس حذاءً به شيء من الحديد أو غيره الذي يلفت نظر الناس إليها، فقد تجد بعض النساء تمشي في الطرق العامة وكما لو كان هناك خيل يعدو، تجد أن صوت نعلها مسموع من أماكن بعيدة؛ فيلفت أنظار الناس إليها، ولذلك المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها فإنها تخرج عادة ولا يسمع أحد لها صوتا كما لو كانت لا تمشي على الأرض، كما لو كانت تطير في الهواء، فلا نسمع لها وقع نعلٍ ولا نشم لها ريحا ولا نسمع لها صوتا ولا نلاحظ منها حركات غير طبيعية.

هذه بعض العوامل التي أذكرها الآن فيما يتعلق بالطريقة المثلى لتجنب الفتاة المعاكسات، وأولاً وقبل كل شيء إنما هي معية الله تبارك وتعالى فإذا خرجت الأخت من بيتها متوضئة فلايزال عليها حارس من الله تبارك وتعالى حتى ترجع.

هذه الأمور مجتمعة أعتقد أن الله تبارك وتعالى سيجعل فيها الحصن والتحصين والحماية لكل فتاة مسلمة تريد أن تلقى الله تعالى بغير علاقات محرمة، وأن تلقى الله تعالى وهو عنها راضٍ.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق فتياتنا وبناتنا وزوجاتنا وأمهاتنا وأخواتنا إلى التزام شرع الله تعالى واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم إنه جواد كريم. كما نسأله تعالى أن يحفظهنَّ من كل شر وأن يجنبهنَّ الفتن ما ظهر منها وما بطن.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية سوس

    الله يجزاكم خيره الواسع

  • سامية

    فعلا وهذا عن تجربة فإذا تم تطبيق هذه الخطوات تتجنب الفتاة المعاكسات بأنواعها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً