الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي أنهكت صحتها في التنظيف وتريدني كذلك!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي هي أن أمي كثيرة الصراخ، وهي في الحقيقة مريضة، وأنا أحاول أن أساعدها ولكنها لا ترضى عن أي شيء، هي تريدني أن أبقى دائماً في التنظيف والطبخ، وأنا لدي مشاكل إيمانية، وفي حاجة إلى دراسة العلم الشرعي وإلى تلاوة القرآن.

كيف أفعل ذلك وهي حين تراني أذاكر أو أحفظ القرآن تعاتبني؟ منزلنا كبير -ولله الحمد- وأخواتي الأخريات لا يساعدنها، ولا يفعلن أي شيء مفيد، سوى مشاهدة التلفاز والخروج.

أنا أحن على أمي، ولكن هي لا تعترف بأي شيء، لقد ضقت ذرعاً فقلبي سينفجر، فصحتها أنهكتها كلها في التنظيف وتريدني أن أفعل نفس الشيء، فلما تكون أيام الدراسة لا يبقى لي وقت للحفظ، ولا لتعلم العلم الشرعي.

في العطلة الصيفية تريد أن تراني دائماً واقفة، وأنا لدي الكثير من المشاكل النفسية، منها قلة الحب وضعف الإيمان، وكثير من الشوائب، فأنا بحاجة إلى وقت فارغ لأجتهد على نفسي، ولكن أين هو؟ فلا أحد يفهمني، أصبحت مكتئبة وكثيرة البكاء.

في بعض الأحيان أفكر في الانتحار، لكن لا يمكنني لأني أخاف الله، فأنا أدعو الله كثيراً أن يعينني على الرحيل من هذا المنزل، وأن يرزقني زوجاً صالحاً ورفقة صالحة، حتى أجد الجو المريح وبيئة للإيمان.

مع كل هذا أفكر في أمي وأقول: إلى من أتركها وحيدة، خصوصاً أن أخواتي يرهقنها، فهل إن تقدم إلي شاب ذو خلق ودين وتزوجت به وتركت أمي لله، ودعوته أن يعينها وأن يبعد عنها شر أخواتي أكون قد وقعت في العقوق، وساعدت على ذلك؟

أنا منذ (5) سنوات أو أكثر أدعو الله أن يخلصني من هذه البيئة، لأني لا أجد أحداً يساعدني على ديني، والضغوطات النفسية أرهقتني، فمرة أصبر وأحتسب وأخرى أنفجر، وأنا الآن مكتئبة جداً ؛ لأني لا أجد لا رفقة صالحة ولا بيئة إيمان، مما يؤثر على إيماني.

أرشدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن شفقتك على والدتك واجتهادك في خدمتها من طاعة الرحمن الذي أمرنا بالبر والإحسان، بل إن بر الوالدة مقدم على الأشياء التي تريدين أن تهتمي بها، وهنيئاً لك بخدمة الوالدة، فإنها باب يوصل إلى جنة عرضها الأرض والسماء، وسيجازيك الله خيراً على برك.

ستندم أخواتك المقصرات، وأرجو أن تشغلي لسانك بذكر الله أثناء العمل في التنظيف أو الطبخ؛ فإن في ذلك خيراً كثيراً، وعندما تدخلين المطبخ لإعداد الإفطار للصائمين اعقدي نية إفطار الصائمين، واحتسبي كل تعب وجهد عند من يجازي على القليل الكثير.

قد كان الإمام (حيوة) يدرِّس الطلاب، فكانت أمه تأتيه وتقول له: قم فأعط الدجاج عشاءه، فكان يترك طلابه ويقول: سمعاً وطاعة يا أمي، ويقول لطلاب العلم الشرعي: تعليمي لكم نافلة، وطاعتي لأمي واجبة.

هذا كذلك محمد بن المنكدر بات ليلة يدلك رجل والده (مساج)، وبات أخوه عمر يصلي حتى الصباح، فقال محمد بن المنكدر: لا أبالي بصلاة من صلى حتى أصبح، وهذا من فقهه، فقد كان من الأئمة؛ لأن من صلَّى حتى أصبح كان يؤدي نافلة، وقد قام هو بواجب البر والإحسان.

أنا في الحقيقة مسرور لاهتمامك بوالدتك، وسعيد لتقديرك لمرضها، وشفقتك عليها، وأريد فقط أن تصححي النية، ولا تظهري التضجر، وإذا جاءك صاحب الدين ليتزوجك فلا تضيعي الفرصة، وحاولي التوفيق بين حقه وبر الوالدة، فإن لم تستطيعي فستعذرك الوالدة، ولن تكوني عاقة.

كما أرجو تشجيع أخواتك على المساهمة والمساعدة في أعمال المنزل، وحذريهن من العقوق فإن ثماره مرَّة، وآثاره ضارة جدّاً.

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً