الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي شديد العصية وتصرفاتي طفولية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت منذ أسبوعين، ولم أجد السبيل الأمثل لفهم زوجي وإرضائه على النحو الذي يريد، ولا أقصد بذلك علاقتي معه في الفراش فهي على أحسن حال، بل أقصد بروتوكولات الحياة الزوجية، فهو شديد العصبية، وغضبه يدوم أياماً، فأخاف أن تغضب الملائكة لغضبه، علماً بأن سبب غضبه مني هو تصرفاتي الطفولية، فكيف أتصرف مع زوجي؟ وكيف أتخلى عن تصرفات الطفولة؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يوفقك للتصرفات التي ترضيه والتي يحبها، وأن يصرف عنك التصرفات المزعجة التي تسبب سوء الفهم أو كثرة الخلاف بينك وبينه، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقه الحلم وسعة الصدر والصبر الجميل، وأن يعاشرك بالمعروف، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإن الحياة الزوجية عبادة وقُربة نتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وفي بُضع أحدكم صدقة فقال الصحابة رضوان الله عليهم: كيف يأتي الرجل منا شهوته ويكون له على ذلك أجر؟ فقال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ فقالوا: نعم. قال: كذلك إن وضعها في الحلال فإن له بذلك أجراً).

فالحياة الزوجية عبادة نأخذ عليها أجراً كما نأخذ أجراً على الطهارة والصلاة والزكاة وغير ذلك من أعمال الدين، وبما أنها عبادة فكان لابد أن يتعلم الإنسان كيفية أداء هذه العبادة، ولكن يبدو أنك لم تهتمي بهذا الجانب قبل الدخول إلى حياتك الزوجية وممارسة هذه العبادة الاجتماعية الربانية، مما ترتب عليه أن هناك خلافا دائماً أو غالباً ما بينك وبين زوجك، رغم أن حياتكما لم تستمر أكثر من أسبوعين، ولكن رغم ذلك فإن الحياة الزوجية في بدايتها يكون فيها مثل هذا الخلاف، ومع الأيام سوف تعرفين طباع زوجك، وسوف تتأقلمين معها، خاصة وأنك مسلمة تحبين الله ورسوله وتعلمين منزلة الزوج في الإسلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها)، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (عليك به فإنما هو جنتك ونارك)، فأنت تعلمين مقام الزوج في الإسلام ودرجته العالية التي قدرها له مولانا جل جلاله سبحانه.

فلا تنزعجي كثيراً من هذه الخلافات في وجهات النظر، لأنها سوف تزول مع الأيام، وأتمنى أن تجلسي معه وتقولي له: أريدك أن تعرفني ما الذي تحبه وما الذي لا تحبه، ولا مانع أن تكتبي هذا في ورقة، سواء كان من الطعام أو من الشراب أو حتى من الثياب والملابس الخاصة والعامة أو حتى ملابسك أنت، وما الذي يعجبه من الكلمات حتى تقوليها له، وما الذي يعجبه من التصرفات حتى تفعليها له، وما الذي يعجبه من الروائح والعطور حتى تضعيها له، ومن الذي يريده من أهله أن يدخلوا إلى بيته، ومن الذي لا يريد أن يدخل إلى بيته ونحو ذلك.

هذا كله من الممكن أن تكتبيه في ورقة عندك وتبدئي في تطبيقه؛ لأن هذه المسألة من الصعب أن نحكم عليك أو على شخصيتك من خلال الرسالة؛ لأن الطفولة منها ما هي طفولة مبكرة ومنها ما هو طفولة متأخرة، فقد تتصرفين ببراءة، لأنك عشت في بيتك ولم يكن هناك تكليف بمثل هذه الصورة، فكنت تتصرفين بوضع طبيعي وبلا ضغوط أو قيود، وأما الآن فأنت زوجة وأصبح على عاتقك مسئولية، فلا تتعجلي أو تتسرعي، والمسألة ستحل مع الأيام، ولكن حتى لا يطول أمد الخلاف أو العصبية أو الغضب.

وأما كونه شديد العصبية وغضبه يدوم لأيام فقد تكون هذه طباعاً نشأ عليها، ولكني أتصور مع هذا البرنامج الذي وضعته لك سوف تنجحين في التخلص من هذه الأسباب التي تؤدي إلى تلك العصبية الشديدة، وأحب أن أبشرك بأن الملائكة لن تغضب عليك لغضبه، لأنك ما تعمدت إغضابه، ولم تفعلي أفعالاً مخالفة لشرع الله تعالى، وإنما تتصرفين على سجيتك وطبيعتك، مما يترتب عليه ذلك، وأما إذا تعمدت إغضابه أو مخالفة أمره فإن هنا يقع المحظور وقد يقع الوعيد الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يوفقك لإرضائه وإسعاده، وأن يعينه على أن يصبر عليك حتى تكتسبي تلك المهارات الطيبة التي تجعل حياتكما روضة من رياض الجنة، كما أسأله تعالى أن يرزقكم ذرية صالحة، وأن يوسع أرزاقكم وأن ييسر أموركم، وأن يجعلنا وإياكم من سعداء الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً