الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يرفضه أهلي بسبب بُعد مدينته

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 25 عاماً، أكملت دراستي وأعمل في مجال تخصصي ولله الحمد، وأعلم أن الله وهبني أكثر مما أريد، لكن لدي مشكلة صغيرة، وهي أنه تقدم لخطبتي عبد من عباد الله، وقد شعرت بالميل إليه، لكن أهلي يرفضونه لسبب واحد وهو بعد المسافة بين المدينة التي أسكن بها والمدينة التي يسكن بها.

مع أنه حاول مراراً لكن أهلي يرفضونه بشدة، وهو لا يستطيع ترك والديه لأنه مسئول عنهما، وقد رفضت الكثير لأن هناك شيئاً بداخلي يجعلني لا أرتاح لشخص غير الخاطب الأول، رغم أني حاولت إقناع نفسي بأن هذا الشخص ليس من نصيبي، فماذا أفعل؟!

أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Khadidja حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعته ورضاه ويقبله والداك أيضاً.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الحياة دار ابتلاء وامتحان واختبار، ودوام الحال من المحال، وقد جعلها الله بهذه الصفة وتلك الطبيعة، إذا أحسنت يوماً أساءت ضحى غد، وليس كل ما يتمناه المرء يُدركه، ويُعطي الله تبارك وتعالى الكثير ولكن يشاء جل جلاله بقدرته وحكمته وعلمه وإرادته أن يجعل هناك بعض الأمور التي يعجز الإنسان عن حلها أو علاجها، حتى يتوجه إلى الله بسببها ويلجأ إلى الله لجوءاً صادقاً فيؤدي عبادة أخرى وهي عبادة التضرع والانكسار والدعاء.

ولو أن الإنسان حقق كل ما يتمنى في الحياة لما أصبح هناك فارق بين الدنيا والجنة، ولكن الجنة هي التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والناس لهم فيها ما يشاءون ولديهم المزيد، وثمارها ونعيمها لا مقطوع ولا ممنوع ولا ممنون إلى غير ذلك، وأما الدنيا فتلك طبيعتها، يعطى الإنسان أشياء ويحرم من أشياء لحكمة يعلمها الله تبارك وتعالى.

وبالنسبة لهذا الشاب الذي تقدم لك فإن موقف والديك ليس موقفاً شرعياً؛ لأنه أمر من الممكن أن يتم التغاضي عنه؛ لأنه لا يمكن أن يكون كل زوج وزوجة من بلد واحد، خاصة وأنكم من أهل دولة واحدة، فمن الممكن أن يكون هناك تواصل بينكما وأن يكون هناك تزاور شبه مستمر، وبُعد المسافة من السهل أن يتم التغلب عليه، فحاولي مرة أخرى وأدخلي بعض الوجهاء أو الذين لهم مكانة عند أهلك، فمن الممكن أن تستعيني بعم أو عمة أو خال أو خالة أو بعض أصدقاء الوالد أو الوالدة ممن لهم تأثير عليهم؛ لأن هذا الرأي ليس وجيهاً وهذا موقف ليس صواباً، ما دام الخاطب متوفراً فيه الشروط الشرعية التي بيَّنها الشرع من قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

فإن قدر الله تعالى واستجابوا ولانت قلوبهم فهذا ما نتمناه وما نريده، ولكن إن أصرا على موقفهما ورفضهما بشدة وعدم التنازل أو التشاور في هذا الأمر، فلا تردي أحداً إذا جاءك موافقاً للشروط الشرعية التي بيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن العمر يمضي، ولأن هذا فيه مخالفة لشرع الله تعالى الذي أمرنا بطاعة النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

فالواجب عليك أن تحاولي مع أهلك محاولة أخرى وأن تستعيني ببعض المؤثرين والشخصيات الفاعلة لدى أهلك، فإن استجابوا فبها ونعمت، وإن لم يستجيبوا فاعلمي أنه ليس من نصيبك، وتوكلي على الله واقبلي أي خاطب يأتيك من الصالحين الذين تتوافر فيهم الشروط الشرعية، واعلمي أن المحبة والميل سوف تأتي مع الزمن.

وأكثري من الدعاء أن يمنَّ الله عليك بزوج صالح يزيد إيمانك معه ويقينك، وتكونين عوناً له على طاعة الله، ويكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه، نسأل الله أن ييسر أمرك وأن يشرح صدرك، وأن يقدر الخير لك حيث ما كان، وأن يوفق والديك لقبول هذا الخاطب ما دامت توافرت فيه الشروط الشرعية التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً