الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك في الزوج وانعكاس ذلك على استقرار الأسرة وكيفية تجاوز ذلك

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة هي أن الزوجة تتهم زوجها بأنه على علاقة بأخرى هي زوجة أخرى له أو يريد أن يتزوجها، المهم أنها تشك في كل حركاته ومكالماته وخروجه خارج البيت، وتلاحقه بالاتصال به في أوقات كثيرة ظناً منها أنه خرج لمقابلة الأخرى، وهو يقسم لها بأغلظ الأيمان أنه لا يوجد شيء من هذا، حتى أصبحت حياتهم وأولادهم جحيماً لا يطاق، فهي تسيطر عليها هذه الفكرة وهو لم يعد يطيق كلامها هذا.

علماً أن كل الشكوك غير منطقية وهي أقرب للأوهام منها للحقيقة، وأيضاً مع العلم أنهما متزوجان من 26 سنة، والمشكلة أنه كان مسافراً وتركها مع الأولاد مدة طويلة، والآن يعيشون مع بعض وهذه المشكلة ظهرت من سنة فقط. فما هو الحل لأن المشكلة أصبحت كبيرة مع العلم أن الزوج والزوجة لا نزكيهما على الله ولكن نحسبهم من أهل الدين.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقنا جميعاً لطاعته، وعلينا أن نسارع في الخيرات، ونكثر من صالح الدعوات ونستغفر من الزلات، وتلك أهم وسائل العلاج، ورحم الله من قال (والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق امرأتي)، ومن لطيف الإشارات ما ورد في كتاب ربنا في قصة نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، قال تعالى: (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء:90].

أوصيك باللجوء إلى الله، فما من دابةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها سبحانه.

الغيرة المتبادلة بين الزوجين دليل حب ومودة، لكن هناك غيرة محمودة وهي ما كانت في الريبة، وغيرة مذمومة وهي ما كانت بغير ريبة، وإنما هي مجرد أوهام وتخيلات وشكوك واتهامات، وفي هذه الحالة علينا أن نتقي الله، ونحسن الظن ببعضنا، ونحمل الأمور على أحسن المحامل، وأرجو أن تظهر لهذه الزوجة إعجابك بها، وتصرح لها بمشاعر الود التي في قلبك تجاهها.

وهناك أمور تشعل نيران الغيرة عند الزوجة نذكر منها ما يلي:

1- تقليب صفحات الماضي الخاص بالرجل، وقد يخطئ بعض الرجال فيذكر تجاربه وعلاقاته السابقة، وقد تفلت منه كلمات تدل على الشوق أو الاستحسان لبعض المواقف دون احترام لمشاعر زوجته المسكينة، وهذا خطأٌ كبير يجب الحذر منه.

2- مدح نساء أخريات لتفوقهن في العمل أو لدورهن في الحياة، وهذا يؤثر على المرأة التي تريد أن يكون كل الإعجاب بها، وكل الثناء لها، وللإنصاف فأنت أطلعت من أولئك النسوة على المحاسن فقط.

3- مخالفة بعض النساء لتوجيهات الإسلام، وذلك بقيام بعضهن بوصف محاسن نساء أخريات لزوجها، فيتعلق قلب ذلك الزوج بتلك الأوصاف، ويجتهد في الرؤية والبحث عن وسائل للوصول إلى تلك الموصوفة، فتشعر المرأة بذلك فتغار.

4- التهديد بالزوجة الثانية والكلام عن التعدد، وهذا يجعل المرأة تشك في تصرفات الرجل وتفسر كل تأخير وسفر غامض أو مكالمات هاتفية بأنها تمهيد لعلاقات جديدة، والرجل الحكيم حتى لو أراد أن يتزوج فإنه يحسن التصرف ويحترم مشاعر زوجته الأولى.

5- عمل الرجل في مكان فيه نساء، أو في وظيفة تجعله يتعامل مع النساء، فإذا علمت الزوجة بذلك اشتعلت نيران الغيرة في نفسها، خاصةً إذا كان الزوج يحرص على هندامه ومظهره عند الخروج إلى العمل ويهمل ذلك في البيت .

6- متابعة وسائل الإعلام التي تهدم ولا تبني، والتي تعرض صوراً للخيانات الزوجية، وتغرس في نفوس النساء عدم الثقة في الرجال.

7- أن يكون بعض أصدقاء الرجل من المتزوجين بأكثر من واحدة .

8- وقد يكون السبب هو وجود جارات شريرات يوسوسن لهذه الزوجة، ويخوفنها من التهاون في خروج وسفر زوجها، وربما أخبرتها بعضهن باهتمامه بالنساء و...، ولا شك أن بعد الرجل عن زوجته له آثار كثيرة، ولعل ما يحدث له علاقة وثيقة بذلك الماضي، فأرجو تعويض هذه الزوجة عن تلك الفترة بزيادة الاهتمام، وشكرها على صبرها تلك الفترات.

ووصيتي لك يا عبد الله بعد تقوى الله واللجوء إليه هي أن تصبر، فالرجال قوامون على النساء، والكبير يحتمل من الصغير، والرجل يصبر على زوجته حتى تتضح الأمور بإذن الله، وطالما أن الزوجين من أهل الدين، فالدين لا يجيز هذا الخصام، ويطالب الإنسان بالتثبت من كل شيء، وإذا كان للزوج رغبة في الزواج فليس في شرع الله ما يمنع شريطة أن يعدل بين زوجاته، وأن لا يكون الغرض من ذلك الإضرار بالزوجة الأولى، وأرجو أن نجتهد في معالجة هذه المشاكل بعيداً عن الأطفال، وسوف تحل هذه المشكلة وعمرها قصير إذا ما قورنت بربع قرن من الزمان قضاه هذا الزوج مع زوجته، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً