حاولت الابتعاد عن صديقي والتقرب من الله
2004-10-22 12:09:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
لا أدري بماذا أبدأ! لكنني أشكركم جزيل الشكر! حيث إنني ولأول مرة أطلع على هذه الاستشارات المفيدة على شبكة الإنترنت، وكأني لأول مرة أحس أن الإنترنت مفيد إلى هذه الدرجة! خصوصاً أنه يوجد مخلصون مثلكم تردون علينا كأحسن أب أو أحسن صديق عند الضيق.
سأبدأ مشكلاتي معكم، حيث ضاقت بها نفسي! ولم يعد لي صديق أو أخ أبوح له بها؛ لأنه في هذا الزمن الغريب العجيب كل انشغل بحاله، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وسأبدأ بالنواحي الدينية؛ لأنها تهمني جداً، والباقي أسأل الله تعالى أن يعينني على الصبر عليه؛ لأن المصيبة دون الدين تهون، إلا إذا كانت المشكلات النفسية تؤثر في الدين، فأتمنى منكم أن ترشدوني! لأنني قرأت العديد من الاستشارات النفسية، ومعظمها منطبق علي، خصوصاً الرهاب الاجتماعي وما شابهه.
أنا لدي العديد من الذنوب القلبية التي لا تظهر للناس، وأحس أني أتدنى دينياً، وليس -كالمفروض- أن الإنسان يرتقي كل سنة في هذه الناحية، فقد كنت في الماضي (فترة تواجدي في السعودية) أحفظ القرآن، والآن نسيته، لكني أحاول أن أتلوه كل فترة، وأختمه برمضان، وبداخلي إحساس كبير للتغيير، وكلما حاولت أن أصلح شيئاً، تعبت مع نفسي جدا! خصوصاً أني كسول جداً، وأحب النوم (حوالي 12 ساعة باليوم أو أكثر أحياناً)، فمثلاً حاولت مراراً القيام لصلاة الفجر، وعملت كل الأسباب، لكني لم أقدر! وهذا يؤلمني جداً، ويصيبني بالإحباط! وأصبح غاضباً من نفسي! وأحس أن ربي غير راض عني!
ومنذ سنة تعرفت إلى صديق لي في الجامعة، غير في أشياء كثيرة بدون قصد منه، لكنني أحببته جداً لهذا التغيير! لكنه لم يكن ديناً بحتاً، لكنه كان يفيديني، مثل الاستقياظ مبكراً حوالي الساعة 8 يومياً، النظام في الحياة، وترتيب الأشياء، وغيرها من الأشياء الحياتية المهمة، وجعلني أحس بالحب والتفاؤل لأول مرة، وأصبحت أحب كل الناس، ولا أستطيع الاستغناء عن صديقي للحظة!
وأصبحنا نخرج معاً، ونرجع معاً، وننام معاً، إلا أنه هجرني أيام الامتحانات، ساعتها أحسست أن الدنيا أظلمت في وجهي، لكن دائماً أصبر وأكتم في نفسي! وكل لحظاتي معه تكون أمام مخيلتي، وأمام عيني في مذاكرتي، في ذهابي، في إيابي، في صلاتي! وهذا الذي جعلني أحس أنني على خطأ كبير، وخصوصاً كانت هنالك بعض الأشياء الخاطئة، لكنها بسيطة في مقابل الخير، كنا نعملها معاً، وهي التي أتذكرها غالباً، خصوصاً أنه حلو الكلام، سمح الوجه، والناس تحبه، وأنا أيضاً لدي قبول لدى الناس، فلما تصاحبنا أكملنا بعضنا البعض، ولا أخفي عنك أني أتشجع لأي خير معه، حتى إننا جلسنا شهرين خصصنا نصف ساعة نحفظ فيها القرآن معاً، ونسمع لبعض، باختصار ملأ علي حياتي.
لكني حاولت الابتعاد عنه، والتقرب من الله؛ لأني سمعت العديد من المواعظ بالإنترنت والمساجد تحذر من تعلق القلب بغير الله، والنفاق! ومن الإجازة الدراسية إلى شعبان أحس أني مخاطب بأي كلمة أسمعها، أو موعظة أقرأها، وذهبت إلى البلد التي أدرس بها، وقابلت صديقي ذلك، لكني لم أحس تجاهه بالعاطفة التي كنت أكنها له، والشيطان كان يلح علي أن أحاول التقرب إليه من جديد، وأكثر، ولكني جلست 3 أيام فقط، وتركت الدراسة لأقضي رمضان ببلدتي بعيداً عنه، وبعيداً عن الجو الجامعي، وعموماً لكي أستطيع عبادة ربي على الوجه الصحيح.
لكنه كان يتصل بي ويقول ما لك؟ فأفهمت الجميع أني متعب جداً، وأحسيت أني ظلمته بابتعادي عنه، وهجره وهجر زملائي بهذه الطريقة! خصوصاً أني أجلس نصف رمضان على الأقل بالبلد التي أدرس بها ( أنا بـ3 جامعة) المهم الآن كل هذه الأمور بمخيلتي، وتنغص علي شهر رمضان، ودائم التفكير في العديد من الأمور، وخصوصاً في الصلاة، وعقب الانتهاء من الصلاة كأني ارتحت، وتذهب عني كل الهموم والغموم والأفكار، سبحان الله!
أرجو أن ترشدوني إلى الطريقة المتكاملة لكي أصلح من حالي، وأعود إلى الله؛ لأني أحس كلما اتقربت منه، يرفضني لفساد باطني! ودائماً أحس بأني منافق! فما السبيل لإزالة هذا الشعور، أو التوبة منه إن كنت منافقا فعلا؟!
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع.ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يرزقك رضاه عنك.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأحب أن أقول لك أخي: إنه ما من أحد إلا وله من الأخطاء الظاهرة والباطنة ما الله به عليم، فلست وحدك المبتلى، واعلم أن الحالة إذا تم تشخيصها سهل علاجها، خاصةً وأن لديك هذا الإحساس الكبير في التغيير، فاتخذ ومن الآن قراراً شجاعاً جريئاً بتغيير نفسك، وإصلاح واقعك؛ لأنك وحدك القادر على ذلك، واعلم أن مولانا أخبرنا قائلاً: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11] فلا تنتظر معجزة من السماء لتغيير واقعك، وإنما لابد من خطوة إيجابية منك يعقبها الفرج والتوفيق من الله جل جلاله، ودليل ذلك قوله تعالى: (( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ))[مريم:76] فلابد من خطوة إيجابية من العبد تعقبها خطوة توفيق وتثبيت من الحق جل جلاله، فخذ القرار، وابدأ الخطوة الأولى نحو تغيير عاداتك، وخاصة فترات النوم الطويلة، وأنا واثق من أن لديك القدرة على ذلك، والدليل على ذلك تأثرك بصديقك، واستيقاظك مبكراً بعد أن تعرفت عليه، ولا يضحك عليك الشيطان بأن ربك غير راض عنك، ولذلك لا يساعدك ولا تقوم لصلاة الفجر، فهذا تثبيط لك وإحباط لعزيمتك، ولكن اعقد العزم ونم مبكراً، وكن على وضوء عند نومك، ولا تنس الأذكار، واضبط الساعة أو المنبه، أو أطلب من أحد إيقاظك، وسوف تقوم بإذن الله بسهولة ويسر، وهكذا بقية أمورك كلها.
وأما عن صديقك، فالمشكلة تبدو أنك أحببته محبة غير عادية، وهذا هو الذي أثّر عليك، والأصل أن تحب حبيبك هوناً ما كما ورد، فالمغالاة في الحب والكره غير مطلوبة، ومنكرة شرعاً، وإنما الوسطية هي الأفضل، كذلك هجرك له ولغيره ليس هو الحل؛ لأن الهجر بدون سبب شرعي محرم شرعاً، وإنما اجعل العلاقة عادية، وخذ من الرجل ما عنده من الخير، وأكثر من الدعاء له بظهر الغيب على إفادتك منه، وأكثر من الدعاء أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، وأنا شخصياً لا أعتقد أن علاقتك أو محبتك لصاحبك كانت خطأً؛ لأنه وكما يبدو كان معيناً لك على دينك ودنياك، واستفدت منه كثيراً، ولكن المشكلة كانت من جانبك، وأنت بمقدورك أن تتحكم في ذلك، ولا تقطعه ما دمت لم تر منه الرذيلة.
ومحبتك له لا تنافي محبة الله، ولا تعارضها ما دامت ليست في معصية الله، والحمد لله أن عاطفتك قد هدأت نحوه وتجاهه، وهذا شيء طيب في حد ذاته، فلا تكثر من الاحتكاك به؛ حتى لا تعود الحالة السابقة إليك، ولكن أيضاً لا تقاطعه ما دمت تستفيد منه في دينك ودنياك، واعلم أن هذا الحب لا يؤدي إلى النفاق والعياذ بالله ما دام في الإعانة على الطاعة كما ذكرت، ولكن حاول أن تجتهد أنت شخصياً في إصلاح نفسك، وأنت فعلاً قادر على ذلك، ورتب وقتك وحياتك، وضع لنفسك برنامجاً لحفظ القرآن كما كنت، واحرص على الالتزام بجدية وحزم، وأكثر من الدعاء أن يصلح الله ظاهرك وباطنك، وتزود من حلقات العلم والدروس الدينية أو المراجع الشرعية في زيادة إيمانك وتطوير حفظك لجوارحك الظاهرة والباطنة، واقرأ في سير الصالحين، في كتاب مثل حلية الأولياء، أو صفة الصفوة أو غيرها، وعليك بسلاح الدعاء، واعلم أن الله لا يمل حتى يمل العبد، فأرِ الله من نفسك خيراً، وإن شاء الله سوف تتعافى من ذلك كله في القريب العاجل.
وبالله التوفيق.