ما علاج عدم الثقة والرهاب والانطوائية وكره العمل والزملاء والشرود والشك؟

2012-05-30 12:48:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب عمري 27 عامًا, متزوج, ومشكلتي أنني أعاني من عدة أشياء:
عدم ثقة بنفسي, ورهاب اجتماعي, وانطوائية, وكرهي لعملي ولزملائي في العمل, وشرود ذهني, والشك والريبة في كل فعل وشيء, أعيش كثيرًا في الخيالات, أخاف من أي شيء وكل شيء.

أنا لا أثق في نفسي, ولا في إمكانياتي, وأخجل من مظهري؛ فأنا سمين جدًّا, وهذا أحد أسباب عدم ثقتي في نفسي, ففي جميع مراحل حياتي تعرضت لمواقف محرجة, وكثيرًا ما يسخر مني الناس بسبب هذا الوزن, حتى أصبحت لا أقوى على مواجهة الناس, وأتجنبهم فأصبحت انطوائيًا.

الرهاب الاجتماعي :

أخاف وأرتجف ويتصبب جسمي عرقًا أثناء التحدث أمام مجموعة من الناس, أو أمام شخص مهم, وأحيانًا أتلعثم في الكلام.

عند أي تصرف ألوم نفسي كثيرًا وأعاتبها لماذا تصرفتُ هكذا؟ من المفترض أن أتصرف هكذا, وأسرح في الخيال.

عند حدوث أي موقف - كشخص غريب اتصل بي على سبيل المثال- يسرح خيالي من هو المتصل؟ وماذا يريد؟ وأدخل في خوف وقلق وأقضي اليوم كله في التفكير فيه.

أكره عملي جدًّا ولا أحبه, وأنا خريج حاسب آلي, وفي بلدي نادرًا ما تجد وظيفه في تخصصك أيًّا كانت, وقد رزقني الله بالعمل بوظيفة مساعد مفتش قضائي بتسجيلات الأراضي(الشهر العقاري) التي تتبع في بلدي للقضاء.

في العمل كل زميل يطعن في نزاهة زميله, ويتهمه بالرشوة (من خلفه), والعمل عبارة عن صراعات لا تنتهي أبدًا, ودائمًا أخاف من أن أتهم بالرشوة مثل الباقين, وأصبحت لا أثق في أحد من الزملاء, وأذهب إلى العمل مرعوبًا, وأعود منه مرعوبًا.

أيضًا أعاني من شرود ذهني, فلا أستطيع التركيز كثيرًا, ودائمًا أجد نفسي أفكر في أشياء أخرى تافهة, وأعيش في خيالات وأوهام, وهذه الحالة ظهرت لي بعد أن تم تعيني في عملي سيء الذكر.

أيضًا أصبحت أشك في أي أشيء وفي كل شيء:
في نوايا الناس من حولي, وأرى أنهم يريدون بي شرًّا, وخصوصًا زملاء العمل.
من واقع عملي استنتجت أني أعيش في مجتمع تحكمه شريعة الغاب: القوي يأكل الضعيف, مجتمع تتفشى فيه الرشاوي والمجاملات والواسطة, وتسيطر عليه الحزبية الضيقة, ويسيطر عليه الجشع والطمع, مجتمع فاسد فاسد فاسد.

أشياء إيجابية في حياتي :

أثق في والدي كثيرًا فهو مثلي الأعلى في كفاحه, وأعشق الحديث معه, ولولاه لكنت الآن مجنونًا, وأعشق والدتي وإخواني وزوجتي جدًّا فهم كل حياتي, ولدي عدد من الأهداف أريد تحقيقها, ولكني لا أدري من أين أبدأ وكيف أبدأ؟!

أحيانًا هناك من يصفني بالذكاء, وهذا الوصف يسعدني كثيرًا وأحب أن أسمعه, ولم أكن ملتزمًا في السابق, وقد هداني الله -والحمد الله- فأصبحت ألتزم بالصلاة, وذكر الله, وتلاوة القرآن.

أرجو أن تفيدوني في حل مشكلتي, وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فنشكرك على رسالتك هذه الطيبة والواضحة جدًّا، وأنا أعتقد أنك تعاني من درجة بسيطة مما نسميه بالقلق الاكتئابي، هذا جعلك تكون مهزوز الثقة في نفسك، وأصبحت مهاراتك الاجتماعية قليلة بعض الشيء، وكذلك افتقدت التركيز والخيال الإيجابي, وأصبحت نظرتك سلبية نحو المستقبل.

الإنسان يجب ألا يحكم على نفسه بمشاعره، إنما يحكم على نفسه بأفعاله, فالمشاعر السلبية تقود الإنسان إلى ما يمكن أن نسميه بالمهالك السلوكية، بمعنى أن الإنسان يكون دائمًا متلقيًا للفكر السلبي، ويقبله ويتصرف من خلاله، لكن الإنسان حين يقاوم هذا الفكر ويبدأ حياة يسودها الاستفادة من الوقت بصورة صحيحة, والحياة المهام فيها كثيرة جدًّا، فهنالك مهام تتعلق بالعمل، مهام تتعلق بالأسرة، التواصل الاجتماعي، العبادات، حقوق الذات، حقوق من حولك... إلخ.

فيجب أن تفكر في الأمر على هذه الأسس وبدراية، يعني ألا تتهاون مع نفسك في التنفيذ، ضع لنفسك جدولاً عمليًا يوميًا يجب أن تنفذه، ابدأ بصلاة الفجر، ثم بعد ذلك بما يليها وما يأتي بعدها، وهكذا. ويمكن أن تشكل وتصنف أنشطتك: وقت للعمل، وقت للتواصل الاجتماعي، وقت للترفيه عن النفس، ممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءً من حياتك، وأنا أعرف تمامًا أن المجتمع السوداني مجتمع تكافلي ومجتمع متواصل، فمن خلال المساهمة في تطوير مهاراتك الاجتماعية من خلال هذه الأنشطة تستطيع أن تعيد ثقتك إلى نفسك.

الثقة في النفس لا تأتي إلا من خلال الأفعال، لا تأتي من خلال المشاعر أبدًا، وصدقني أنك لست بأقل من الآخرين.

موضوع المظهر والسمنة: هذا يجب أن يكون حافزًا لك لأن تعيش حياة جسدية صحية، وهذا يأتي من خلال ممارسة الرياضة، ترتيب نظام التغذية, الأمور كلها بيدك، وكلها ممكنة، فقط ضع النص القرآني أمامك { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} أنت لديك الطاقات والكوامن والمقدرات الداخلية المختبئة، حرّكها، ابعثها، واعرف أن التغيير يأتي منك.

الرهاب الاجتماعي حقيقة ليست مشكلة شائعة في السودان، وذلك لأن المجتمع مجتمع تواصلي في الأساس، فاستغل هذا الجو العام – أي الجو التواصلي – وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، زر المرضى في المستشفيات، احرص على صلاة الجماعة، كن واصلاً لأرحامك، وهذا ينهي تمامًا ما يسمى بالرهاب أو الخوف الاجتماعي.

موضوع أنك تعيش في مجتمع تحكمه شريعة الغاب والمجاملات والرشاوى: الخلل الاجتماعي موجود, ويجب أن نعترف بذلك، لكن هذا لا يبرر أبدًا أن نحيد عن جادة الطريق, منظومتك القيمية يجب أن تحتفظ بها، ويجب أن تفرضها على الآخرين، وذلك من خلال الأفعال أيضًا, وليس من خلال المشاعر.

وبجانب الشر والسوء الموجود إلا أن الخير موجود، فهنالك أناس -الحمد لله تعالى- على درجة عالية جدًّا من الخلق والدين وحسن المعاملة, فتخير من تخالل، وإن شاء الله تعالى سوف تجد نماذج رائعة جدًّا, فتخلص من النظرة السلبية، ولا يمكن أبدًا أن نفرض إرادتنا وقيمنا على الآخرين، فهذا صعب وليس بالسهل، لكن يجب ألا نتنازل عن قيمنا وعن مسلكنا الصحيح، ومن هنا سوف يتأثر من حولنا، وهذا التأثير لا شك أنه سوف يكون إيجابيًا جدًّا.

أنا أرى أنك في حاجة لأحد الأدوية المحسنة للمزاج، والتي تساعد على قهر الخوف الاجتماعي، وتبعث - إن شاء الله تعالى – فيك شيئًا من الطمأنينة، وتحسين الدافعية لديك, من هذه الأدوية عقار يعرف علميًا باسم (فلوكستين), وله مسميات تجارية كثيرة منها (بروزاك), لكن قد تجده في السودان تحت مسمى تجاري آخر.

ابدأ في تناول الفلوكستين بجرعة كبسولة واحدة - وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا – تناولها يوميًا ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله.

هذا من المركبات الدوائية المفيدة جدًّا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وإن أُتيحت لك الفرصة لمقابلة أحد الأطباء النفسيين فهذا أيضًا سيكون إضافة إيجابية جيدة جدًّا.

ولمزيد من الفائدة انظر العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637), ووسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا: (265851 - 259418 - 269678 - 254892)

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net