هل يجوز لأبنائي أن يروني أنام مع والدهم تحت غطاء واحد؟

2012-11-01 12:45:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم..

هل يجوز لأبنائي أن يروني أنام مع والدهم تحت غطاء واحد؟ أو أن أنام على يده؟ أو وأنا أقبله وغيرها من الأمور العادية التي تمر بين الزوجين؟ وما هي الحدود والضوابط؟ وما هي حد السن الذي يمكن أن يروا مني ذلك؟

علما أن أبنائي تتراوح أعمارهم بين السنة وخمس سنوات.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك التواصل مع موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الهام جدًّا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا السداد والرشاد، ونكرر ترحيبنا بك وبزوجك، وهنيئًا لك بهؤلاء الأطفال الصغار الذين نسأل الله أن يصلحهم، وأن يُنبتهم نباتًا حسنًا.

كان ابن عمر - رضي الله عنه – لا يُعاشر أهله في حجرة فيها طفل رضيع، والنبي – عليه الصلاة والسلام – لما أراد أن يبنيَ بأُمُّ سلمة، وكانت زينب في حضنها، كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يدخل ثم يخرج، يدخل ثم يخرج، حتى انتبه لذلك عمّار ابن ياسر – وهو أخ أُم سلمة من الرضاعة – فدخل وانتزع الطفلة، وقال: (هذه التي منعت رسول الله حاجته) فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم – ليبنيَ بأُم سلمة ويُعاشرها، وما فعل ذلك إلا بعد أن سأل: أين الزُّناب – تصغير لاسم زينب - وكان ينظر في جنبات الحجرة ويقول: (أَثَمَّ الزُّناب) فلما تأكد من خلو المكان عاش مع أهله، وعاشر زوجُهُ عليه صلوات الله وسلامه.

والدراسات هامة جدة في هذا الجانب، تفيد ثمة آثار خطيرة يمكن أن تحدث إذا شاهد الأبناء الممارسة والعلاقة الخاصة بين الزوجين، بل إن هذه الشريعة العظيمة أمرتنا أن نعلم أطفالنا الصغار أن يستأذنوا في أوقات ثلاثة {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}.

والحكمة في ذلك أن هذه أوقات يأخذ فيها الرجل مع أهله راحته وحاجته، بل ينام فيها الإنسان وحده فينكشف جسده، هذا الصغير يتضرر من رؤية هذه المناظر وهذه المواقف، ولذلك ينبغي أن يُنتبه لهذا؛ لأن الدراسات النفسية أثبتت أن مشاهدة مثل هذه المواقف تنطبع في اللاوعي لهؤلاء الصغار، وقد يعبرون عن ذلك في مراحل عمرية متأخرة في شكل عُقد نفسية، أو انحرافات سلوكية، وهنا تتجلى عظمة فقه الصحابة – عليهم من الله الرضوان -.

ولكننا نريد أن نركز ونقول: لابد أن يشعر الأبناء في نفس الوقت أن الأب يُحب الأم، وأن بينهما تفاهما، وأن بينهما مشاعر نبيلة، فإذا حصلت القُبلة فينبغي أن تكون للأطفال وللجميع، يعني يمكن في هذا الإطار أن تُقبل، أما أن يُخصص زوجته بقبلة أو أشياء معينة، فإن هذا قد يترك آثارًا في الأطفال وأشياء كثيرة جدًّا.

وعندما ناقشنا الأخطاء السلوكية عند الأطفال الصغار كان من مصادر تعلمهم – مصادر انحرافهم – أنهم شاهدوا مثل هذه المناظر فأرادوا بعد ذلك أن يُطبقوها وأن يُكرروها، ثم تحولت بعد ذلك إلى انحراف سلوكي، ولذلك هذه الحياة الخاصة ينبغي أن تُحجب عن جميع أعين الناس، أطفالا وغير أطفال، بل ينبغي أن تظل سرًّا مكتوما، والشريعة منعت الحديث فيما يحصل بين الرجل وزوجه، والنبي – صلى الله عليه وسلم – نهاهم عن ذلك، وشبه من يفعل ذلك بمثل الشيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون.

ولذلك نحن فعلاً بحاجة إلى مثل هذا السؤال، وبحاجة إلى فهم هذه المسألة على أصولها الشرعية، ومراعاة هذه الضوابط.

إذن نستطيع أن نقول: المشاعر النبيلة ومعاني الحب واللمسات الحانية والقبلات، هذا مباح إذا كان في إطار عام، وإذا كانت القبلة الهدف منها الرحمة والعطف.

أما العلاقة الخاصة، أما المشاعر، أما الأشياء التي يفهم منها الصغار أشياء أخرى كالدخول تحت فراش واحد والأطفال ينظرون، فإن هذا قد يفتح لهم بعض الآفاق، ويفتح أذهانهم لبعض الأمور التي لا تكون في مصلحتهم، والمهم عندنا هو أن يشعر الأطفال أن الوالد يحب الوالدة، وأن الوالدة تحب الوالد، وأن بينهما انسجاما، والأطفال يفهمون هذا من نظرات الآباء، ومن ضحكاتهم، ومن انسجامهم، ومن تعابير وجوههم، فأطفالنا عباقرة يفهمون هذه الأمور، وهذا هو المهم، لأننا لا نريد أن ينظروا إلى الخصام ولا إلى الشجار، ولا إلى الغضب على الوجوه، ولا ينظروا كذلك إلى العلاقة الخاصة بمقدماتها وتفاصيلها، لأن هذه أشياء كلها تُلحق بهم أضرار كبيرة، وتترك في نفوسهم آثارا من الصعب أن تزول بسهولة.

نسأل الله أن يوفق الجميع لما يُحبه ويرضاه

www.islamweb.net