ابني عنيد، وعصبي، ولا يستمع لكلامي، فكيف أتصرف معه؟

2012-12-04 09:00:10 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لقد رأى ابني البالغ من العمر 4 سنوات أباه وهو يضربني، وهو الآن عصبي جدا، وعنيد، وشقي، ومهما عاقبته على أفعاله فإنه يبكي، ولا يستجيب لي أبدا.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ heba حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، ونتمنى أن تُصلحي ما بينك وبين زوجك، وألا تُظهرا الخصام، فإن من الأخطاء الكبيرة أن يتشاجر الزوج مع زوجته أمام الأطفال، لأن هذا يترك آثارا كبيرة وخطيرة عليهم، ومن هذه الآثار العصبية التي تشاهدينها، لذلك نحن نتمنى دائمًا أن نُبعد الخلاف أو النقاش أو الخصام بيننا كأزواج عن أعين أطفالنا وآذانهم، وأن نختار مكانًا بعيدًا بحيث لا يروننا ولا يسمعون كلامنا، وهذه نقطة من الأهمية بمكان.

ونحن نعرف أن الخلاف لابد أن يوجد، وهذه طبيعة الحياة الزوجية، وطبيعة البشر، ولكن ينبغي أن ندير الخلاف بعيدًا عن الأبناء، وأن نختار أوقاتًا مناسبة، وأن ننتظر نومهم، وننتظر بُعدهم عنا، ثم نتناقش في مثل هذه الأمور والتوترات.

أما بالنسبة لمسألة الضرب: فهذا يترك آثارا نفسية خطيرة، حتى قال علماء التربية: أن الطفل عندما يرى والده يضرب والدته، فإن الطفل يكره الوالد، ويُشفق على الوالدة، فإذا ضربها مرة ثانية، فإنه يكره والده جدًّا، ويحتقر والدته، ثم إذا كَبُر بعد ذلك، يبدأ هو بضرب الوالدة أيضًا، ثم إذا أصبح رجلاً وله أسرة فإنه يضرب زوجته، فتستمر دائرة العنف المنتنة.

هذه الدائرة تستمر بكل أسف، ولذلك ينبغي أن تنتبهوا لهذه التصرفات، وخاصة سن أربع سنوات، فهي سن ثورة السلوك، والأطفال يكون عندهم الكثير من السلوكيات التي يتأثر بها بما يُشاهد وبما يسمع من المواقف الموجودة، ولذلك ينبغي أن تنتبهوا لهذا الأمر، فإذا حصل بينكما خلاف، فينبغي أن يكون بعيدًا عن هذا الطفل.

ثم عليك أن تعاملي هذا الطفل بهدوء، وأن تُشبعيه من العطف والحنان، وأن تتفقي أنت وزوجك على خطة واحدة للتوجيه والتربية، وأن تكثروا له من الدعاء، كما أنه عليك أن تحاولي ألا تهتمي بعناده، ولا تركزي عليه، وألا تلبوا له كل الطلبات مهما كان، وأن تُشبعوه بالعطف والاهتمام، وأن تحرصوا كذلك على إعطائه فرصة للعب، ومشاركته في اللعب، وأن يجتهد الأب في تحسين صورتك عنده، كأن يقول: (هذه أمك، تبرّها، والله يحبك، ويعطيك الجنة إذا سمعت كلامها وأطعتها) إلى آخره، وأنت كذلك تقولين: (والدك لابد أن تسمع كلامه، وأن تهتم به وتطيعه) وهكذا، فلا بد أن ننمي هذه المشاعر النبيلة في نفس هذا الطفل.

وكذلك نوصيك ألا تنزعجي جدًّا عند أخطائه، وتجنبي الصراخ، وتجنبي الضرب، وتجنبي القسوة عليه، وكذلك ينبغي ألا تُلغي عجزك، بمعنى: أن لا تقولي: ( أنا غير قادرة عليه، ولا أدري ماذا أفعل؟ أو أن هذا الطفل حيّرنا وأتعبنا ) لأنه سينتفش، ويقول: (ليس هناك أحد قادر عليَّ)، ويكون وراء ذلك آثار سالبة.

كذلك أيضًا ينبغي أن تجتهدي في غرس المعاني النبيلة عنده، و أن تُبيّني له أن طفلاً أطاع أمه فدخل الجنة، وطفل سمع كلام أبوه فدخل الجنة، وأن فلان هذا ممتاز ويسمع الكلام، وهو يُحب الخير، بمعنى أن نشيع عنده هذه الأشياء، وخاصة عندما يحضر الأهل، أو يحضر الذين يُحبهم، وينبغي أن نظهر جوانب التميز عندهم.

وأرجو ألا تنزعجوا كثيرًا، فالطفل لا زال في مرحلة نستطيع أن نؤثر عليه، فهو لازال عجينة يمكن أن نشكلها في أجمل الصور، وهذا يحتاج منا إلى صبر ومصابرة ومثابرة وحنكة وحكمة، وأرجو أن تتواصلي مع الموقع، وأن تعطينا مزيدًا من التفاصيل، كما أرجو أن تخصصي لهذا الطفل جزءً من الوقت، وأن تحرصي على أن ينام بعد أن يسمع قصة جميلة في البر، بعد أن تمسحي على رأسه، وأن تحرصي على أن توقظيه أيضًا باهتمام وقبلات ولمسات، ثم دائمًا تُنمي المشاعر النبيلة عنده، وأكرر: لابد أن تُبعدوا الخصام عنه، ولا تختصموا في حضرته أو في وجوده، وأهم من هذا هو أن تُصلحوا ما بينكم وما بين الله، فيصلح الله لكم النية والذرية، فإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله، فإن الله يصلح له الذرية، ويصلح له ما بينه وما بين الخلق.

نسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يقر أعينكم بصلاح هذا الطفل، وأن يجعله ذخرًا لوالديه ولأمته.

www.islamweb.net