أتعذب من الوسواس القهري والخوف من الموت

2014-05-15 02:01:37 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا أعاني منذ 18 سنة من وسواس في كل شيء، النظافة والمرض، وفي وجود الكون نفسه، وكان ذلك في عمر 14عاما، واستمرت الحال معي لدرجة أني كنت أخاف من الكل، وفقدت الكثير من الوزن بسبب خوفي، وكنت أتخيل أن يوم القيامة قريب جدا، وكنت أفكر كيف وجد الكون، ولماذا نعيش طالما سنموت؟!

استمررت هكذا حتى مرحلة الجامعة، أي 4 سنوات، واختفى الوسواس تماما، وعشت أجمل 5 سنوات في حياتي، حيث إن دراستي في كلية فنون جميلة، وبعدها اشتغلت فور تخرجي، وتزوجت، فما لبثت حتى بدأ يعود الوسواس مرة أخرى.

أصبت بعد ولادة ابنتي الكبيرة منذ 6 سنوات باكتئاب بعد الولادة وساءت حالتي، بكاء وخوف واختناق، وأصبحت أخاف على ابنتي لحد الهلع، وللأسف الأسرة لها دور في ذلك الخوف، فقد كانوا يخوفوننا دائما أنا وأخواتي البنات من كل شيء، ومن أي شيء، وسافرت مع زوجي بعد ولادتي ب 4 شهور للسعودية، وبدأ العذاب الحقيقي، فالوحدة في الغربة اعتصرتني، وبدأت الكوابيس معي، وأصبحت أخاف من الموت لو رأيت جثة أصاب بحالة بشعة من الفزع!

استمررت هكذا أخاف من الموت وسيرته، وأخاف على أولادي، ومنذ سنتين توفيت أقرب الناس لقلبي، ومن حينها وأنا أحلم بها دائما بأنها ستأتي تأخذني، أو تقول لي سآتي آخذك أو آخذ إحدى بناتك!

أصبحت أراها كل يوم، وأكره النوم وأقاومه لكيلا أنام أكثر من 4 ساعات في اليوم، وأقوم مفزوعة من الحلم.

أصبحت في حالة يرثى لها، كل يوم أحلم بأنها ستأخذ أولادي أو ستقول سآخذهم، وأموت من الرعب، وأوقات في أثناء اليقظة أتخيل بها، أو يمر أمامي شريط من الأموات من عائلتي وأقول لنفسي سوف أموت إن حدث لي تنميل، ويحصل إغماء، وأغمي علي مرتان بالفعل.

تعبت من حالتي، ولا أعلم ماذا أفعل، فهناك من قال: إن عندي سوء ظن بالله، ووسواس الخوف من الموت، والشيطان يتلاعب بأحلامي.

لا أعلم ماذا أفعل؟ حاولت أن أشغل نفسي لكن هنا العمل صعب جدا، ويمكن عندما أنزل مصر زيارة أرتاح نفسيا أكثر، وتخف الحالة، لكن تعود للظهور وبشراسه هنا في الغربة.

هل توجد أدوية؟ نظرا لأني أحاول أن أحمل مرة أخرى، كما أن زوجي غير مقتنع بمشكلتي ورافض تماما أي تدخل.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جيهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وصفك طيب وجميل وواضح جدًّا لحالتك، ومن خلال ما هو متوفر من معلومات جيدة ورصينة نستطيع أن نقول لك: إنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، والأعراض تتغير وتتبدل، هذه تظهر وتلك تختفي، شيء من الوساوس، شيء من المخاوف، شيء من القلق، شيء من الشعور بالكدر، وهذا ينطبق تمامًا على المعايير التشخيصية لقلق المخاوف الوسواسية.

هذه الحالة علاجها سهل جدًّا، خاصة عن طريق الأدوية، لكن بكل أسف موقفك من الأدوية لا أقول إنه سلبي لكن فيه شيء من التحفظ.

أنا أرى أن تقابلي طبيبًا نفسيًّا، هذا هو الأفضل، لأن مقابلة الطبيب النفسي سوف يُتيح لك فرصة القناعة بالعلاج الدوائي بصورة أفضل، ولا أريدك أن تحرمي نفسك من هذه النعمة العظيمة، نعمة الدواء، فما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتتداووا عباد الله.

السبب في أهمية الدواء أن هذه الحالات غالبًا يكون منشؤها بيولوجيًا، ليست مرتبطة بظرف أو شخصية أو ظروف حياتية، نعم هذه ربما تزيد من حدة الأعراض قليلاً – أي الظروف الحياتية – لكن الجوهر والأساس في الأعراض أرى أنه بيولوجي المنشأ، وأرى أن الحالة علاجها سهل جدًّا.

بالنسبة للأدوية: الحمد لله لدينا أدوية لا تؤثر على الحمل، عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين) ممتاز وسليم جدًّا في أثناء الحمل، حتى في أيامه الأولى، لكن هذا لا يعني أن نتخلى عن المبدأ الذهبي الذي يقول إنه يفضل عدم استعمال أي دواء في فترة تكوين الأجنة – أي الأربعة أشهر الأولى – وإن كان هناك حاجة للدواء لا بد أن يكون تحت الإشراف الطبي.

إذًا أيتها الفاضلة الكريمة: العلاج الدوائي مهم جدًّا، وبعد ذلك تأتي العلاجات الأخرى، وهي: التفكير الإيجابي، تحقير فكرة المخاوف، عدم ترك مجال للفراغ الذهني أو الزمني، حسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، تطوير الذات، تأكيدها، تقييمها بصورة صحيحة، لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك لا بد أن تستوعبيها بصورة أعمق وأكبر، ممارسة الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، تمارين الاسترخاء (2136015)، التواصل الاجتماعي الممتاز، هذا كله فيه خير كبير، والحرص على صلاتك في وقتها، وتلاوة القرآن والدعاء والذكر، هذه مدعمات علاجية كبيرة جدًّا.

سيري على هذا النهج - أيتها الفاضلة الكريمة – وأنا قطعًا من الذين يؤيدون وبصورة حتمية أن يؤخذ العلاج بكمالياته، بجميع أركانه، الأخذ بالرزمة العلاجية كرزمة واحدة كاملة تعطي نتائج علاجية رائعة.

تفهم للحالة، تفكير إيجابي، تغيير نمط الحياة، وتناول الدواء: هذه هي المكونات العلاجية الرئيسية؛ لأن هذه الحالات أصلاً هي بيولوجية سيكولوجية اجتماعية، وعلاجها يجب أن يكون على نفس النمط (دوائي -سيكولوجي - واجتماعي).

أنا متأكد أن زوجك الكريم سوف يتفهم الأمر، بشيء من الشرح والتوضيح العلمي الصحيح له لا أعتقد أبدًا أنه سوف يقف أمام أمر يعود عليك وعليه بالمصلحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

www.islamweb.net